اشتكى الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، أمس، من “كونه المعتقل الوحيد في هذا البلد الذي يتم سجنه دون محاكمة في موقع للشرطة تحرسه وحدة تابعة لمكافحة الإرهاب؛ ومن كونه الوحيد المحروم من حقه في الخروج للشمس والسير خارج غرفة الاحتجاز”.
وطالب في تدوينة نشرها أمس لتنضاف إلى بيان أصدره دفاعه قبل ذلك: “آمل أن تتم محاكمتي قبل يوم الحساب الأكبر”. وقال: “أنا السجين الوحيد الذي حرم من حقه في الإعلام والتواصل، وأنا السجين الوحيد الذي تقتصر زياراته على عدد قليل من أفراد أسرته المقربين، ستة أشخاص فقط، مع كل المضايقات من قبل السجانين”.
وجاءت هذه الشكوى، حسبما أكده الرئيس السابق “بعد أن اقتحم وكلاء شرطة تابعون لأمن الدولة يقودهم مفوض مكان احتجازه، وفتشوه لمدة ساعتين تقريباً وقلبوه رأساً على عقب لاستعادة هاتف”.
وقال “إن هذه الوضعية التي تنتهك جميع قوانين الجمهورية والاتفاقيات الموقعة من قبل الدولة، تمثل حقيقة السلطة التنفيذية التي تستخدم وتسيء استخدام خدمات الشرطة والنيابة العامة لإسكاتي، وهي تحرمني من حريتي منذ شهر أغسطس 2020 إلى حد الساعة”.
“وعلى الرغم من كل شيء، يقول ولد عبد العزيز، تبقى كرامتي وستبقى كما هي، وسأظل أتحدى هذه السلطة وأواجه اتهاماتها الزائفة”.
وتابع: “إن هذه المضايقات المخزية المستمرة والتي أتعرض لها في سجني للمرة الثالثة، لن تقنع المواطنين الذين خاب أملهم ويتم تجويعهم الآن بسبب الأساليب المتبعة من قبل بطانة النظام، وفي الختام، آمل أن تتم محاكمتي قبل يوم الحساب الأكبر”.
وتلت هذه التدوينة بياناً لهيئة الدفاع عن الرئيس السابق، أكد فيه محاموه “أن الرجل ضحية استهداف سياسي ممنهج”.
وأضاف المحامون: “للمرة الرابعة على التوالي يتم رفض طلب الإفراج المؤقت عن موكلنا الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من طرف فريق التحقيق المكلف بجرائم الفساد دون أي سند قانوني أو واقعي سوى رأي النيابة الذي تتطابق معه أوامر قطب التحقيق حرفياً في تعليلها ومنطوقها، وبتبرير يستفز الذهنية القانونية”.
وتابعت هيئة الدفاع تقول: “إن قيام فريق التحقيق المكلف بجرائم الفساد، برفض الإفراج المؤقت كسابقيه لم يناقش ما أثرناه باسم موكلنا من انعدام مبررات الحبس الاحتياطي الواردة في المادة 138 من قانون الإجراءات الجنائية وبدلاً من ذلك اعتبر أن عدم احترام بنود المراقبة القضائية مبرر للحبس الاحتياطي، في حين أن المادة 123 التي أعطت لقاضي التحقيق إمكانية الحبس الاحتياطي في حالة عدم احترام بنود المراقبة القضائية تبقى مقيدة بنص المادة 138 التي تمنع منعاً باتاً الحبس الاحتياطي دون توفر مبرراته التي هي حصراً خطورة الوقائع والخوف من إخفاء الأدلة أو ارتكاب جرائم جديدة أو الخشية من هروب المتهم”.
وأضاف: “إن فريق التحقيق اعتبر مخالفة بنود المراقبة القضائية المخالفة للقانون مبرراً مستمراً لا زال قائماً للحبس الاحتياطي، وهو بذلك يجعل من تلك المخالفة، على افتراض حدوثها، جريمة مستمرة معاقبة بالحبس الاحتياطي ومبرراً أبدياً له بدل النظر في مبررات الإفراج القائمة بانتفاء مبررات الحبس أصلاً وتوفر الضمانات الكافية لحضور المتهم”.
وأوضح الدفاع “أنه منذ إيداع موكلهم في السجن لم يستدع لأي إجراء تحقيقي باستثناء مواجهة واحدة باطلة لانتهاكها حقوق الدفاع، وهو خرق جوهري لما تضمنته المادة 139 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه: “في جميع حالات الحبس الاحتياطي فإن قاضي التحقيق ملزم بأن يعجل إجراءات التحقيق في أسرع وقت ممكن، وهو مسؤول عن كل إهمال يمكن أن يؤخر بدون جدوى التحقيق ويطيل مدة الحبس الاحتياطي تحت طائلة التعرض لمخاصمة القضاة”.
“ومما تقدم، يضيف المحامون، يتضح أن موكلنا ضحية لاستهداف سياسي ممنهج لم يراع حصانته الدستورية ولم يحترم حقوقه والضمانات الإجرائية التي يوفرها له القانون، الشيء الذي أدى إلى خرق مبدأ المساواة الإجرائية وانتهاك قواعد الحبس الاحتياطي وغض الطرف عن مبررات الإفراج المؤقت القانونية والإجرائية والواقعية”.
وللتذكير، يوجد ولد عبد العزيز منذ يونيو/حزيران الماضي محبوساً في سجن خاص في العاصمة نواكشوط، وذلك بعد أن اتهمه قاضي التحقيق بعدم الالتزام بمقتضيات الرقابة القضائية المشددة. ويواجه ولد عبد العزيز اتهامات بالفساد وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع، ضمن شخصيات أخرى كانت تعمل معه خلال حكمه لموريتانيا ما بين 2008 و2019.
وفي 23 يونيو الماضي، أحال قاضي التحقيق المكلف بالجرائم الاقتصادية ولد عبد العزيز على الحبس لمواصلة التحقيقات معه.
ووجهت النيابة العامة، في 11 مارس/أذار الماضي، إلى ولد عبد العزيز و12 من أركان حكمه تهما، بينها غسل أموال ومنح امتيازات غير مبررة في صفقات حكومية، وهو ما ينفي المتهمون صحته.
وفي الرابع من أبريل/نيسان الماضي، قرر القضاء تجميد ممتلكات المتهمين، وفرض إقامة جبرية على ولد عبد العزيز في منزله في العاصمة نواكشوط، مع إلزامه بالتوقيع لدى الشرطة 3 مرات أسبوعياً، قبل أن تتم إحالته على الحبس.
وغادر ولد عبد العزيز السلطة منتصف عام 2019، وقامت لجنة تحقيق برلمانية بتحقيقات رصدت معطيات حول تورطه في عمليات فساد، حيث أحيل التقرير للنيابة العامة في مارس/آذار الماضي ووجهت للرئيس السابق بموجبه وبعد بحث ابتدائي، تهماً بالفساد وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع، ولاحقاً جرى اعتقاله في انتظار محاكمته.