[ نجل خاشقجي (يسار) في لقاء جمعه بولي العهد السعودي بعد أسابيع قليلة من اغتيال والدهرويترز ]
قال صلاح خاشقجي ابن الصحفي السعودي المغدور جمال خاشقجي، في تغريدة على تويتر، إنه وإخوته قد عفوا عمن قتل أبيهم، دون الإشارة إلى هوية مرتكب الجريمة.
وجاء في البيان المقتضب الذي نشره صلاح خاشقجي فجر اليوم الجمعة: "نعلن -نحن أبناء الشهيد جمال خاشقجي- أنا عفونا عن من قتل والدنا -رحمه الله- لوجه الله تعالى".
لكن الناشط السعودي المعارض في المهجر يحيى عسيري علق على ذلك في تغريدة على تويتر، بقوله إن قضية قتل خاشقجي "ليست عائلية أو شخصية"، ولا من قبيل القتل الخطأ، وأضاف أن السلطات السعودية قتلت خاشقجي بسبب عمله السياسي.
وذكّر ناشطون ومعارضون بقرار المحكمة العليا السعودية رقم 9/م بتاريخ 25 / 3 / 1435 هـ، الذي ينص على ماهية قتل الغيلة وعقوبته، وأن صاحبه يقتل بحد الحرابة، ولا يجوز فيه العفو، والحق العام فيه مغلب على الحق الخاص.
وأشاروا إلى قرارات سابقة صادرة عن وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، بأن "القاتل غيلة يقتل حدا لا قصاصا، ولا يقبل فيه العفو وهو مقدم على الحق الخاص".
ونشر الناشطون تعميما قضائيا سابقا على المحاكم كافة، بشأن آلية الحكم في قتل الغيلة.
ويقول التعميم إنه "بناء على قرار المحكمة العليا المتضمن أن الهيئة العامة للمحكمة درست موضوع القتل الغيلة، وما حصل حوله من إشكال وهل هو من أنواع الحرابة، فإن القتل غيلة هو ما كان عمدا عدوانا على وجه الحيلة والخداع بما يأمن معه المقتول من غائلة القاتل، سواء أكان على مال أو لانتهاك عرض أو خوف فضيحة وإفشاء سرها أو نحو ذلك، وهو نوعٌ من أنواع الحرابة".
ونشرت تعريفات لما هو المقصود بقتل "الغيلة"، وهو أن يكون القاتل خدع المقتول وغرر به واستدرجه بطريقة لأمن، وأن يكون المقتول واثقا تمام الثقة في القاتل، وذلك كما يحصل مثلا بين الزوج وزوجها أو كما تقتل المرأة زوجها وهو نائم على فراش الزوجية، أو يقتل الرجل زوجته وهي نائمة.
كما لفتوا الانتباه إلى أن تكييف النيابة السعودية للقضية من بدايتها في إطار القصاص كان يوحي بالاتجاه إلى مسار العفو من قبل العائلة، مشددين على أن الجريمة هي "قتل غيلة" لا يُقبل فيه العفو من أولياء الدم.
وأثار اغتيال خاشقجي غضبا عالميا، وقالت تقارير وكالة المخابرات المركزية الأميركية وحكومات غربية إنها تعتقد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أصدر الأوامر بقتل خاشقجي.
وأشار ولي العهد السعودي في سبتمبر/أيلول الماضي إلى تحمله بعض المسؤولية الشخصية عن الجريمة كونها "وقعت في عهده".
وأصدر القضاء السعودي في ديسمبر/كانون الأول الماضي أحكاما ابتدائية في القضية، برأ بموجبها ثلاثة مسؤولين بارزين من الجريمة، وهم: سعود القحطاني المستشار السابق لولي العهد السعودي، والقنصل السعودي في إسطنبول محمد العتيبي، واللواء أحمد عسيري النائب السابق لمدير الاستخبارات.
وصدرت في الوقت نفسه أحكام بإعدام خمسة أشخاص وسجن ثلاثة آخرين 24 عاما. ولم تكشف النيابة عن أسماء المحكوم عليهم.
ولقيت هذه الأحكام انتقادات من جهات دولية رأت أن المملكة تحاول تجنب محاسبة الفاعلين الحقيقيين في جريمة اغتيال خاشقجي.
وآنذاك قال رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب الأميركي آدم شيف إن تلك الأحكام استمرار لمساعي المملكة للنأي بالقيادات السعودية -ومن ضمنها ولي العهد- عن الاغتيال الوحشي لخاشقجي، وأضاف أن الجريمة كانت متعمدة، ولم تكن نتيجة قرار مفاجئ أو عملية شاذة، على حد قوله.
وقالت مقررة الأمم المتحدة لحالات الإعدام خارج نطاق القانون أنييس كالامار إن الأحكام الصادرة على المتهمين بقتل خاشقجي مثيرة للسخرية، مضيفة أن "الرؤوس المدبرة للجريمة ليست حرة فحسب، بل لم تتأثر تقريبا بالتحقيق والمحاكمة، وهذا هو نقيض العدالة".
وكانت السلطات التركية اتهمت نظيرتها السعودية بإرسال فريق من 15 شخصا -بينهم مسؤولون أمنيون- لقتل خاشقجي في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد أن تم استدراجه للقنصلية السعودية بالمدينة.
وطالبت أنقرة بتسليم المتهمين لمحاكمتهم في تركيا، لكن السلطات السعودية رفضت ذلك، وأعلنت فتح تحقيق في القضية ومحاكمة المتورطين فيها وفقا للقانون السعودي.