لم تتوقف المحاولات الإماراتية لتغيير الوضع على الأرض في ليبيا، على الرغم من الخسائر الفادحة التي مُني بها حليفها اللواء المتقاعد خليفة حفتر خلال الشهرين الماضيين، وفقدانه مدن الساحل الغربي، أمام تقدم قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً. في هذا الإطار، قالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" إن اجتماعاً عُقد أخيراً في قاعدة الرجمة، شارك فيه مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، شقيق ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، فضلاً عن بعض قادة المليشيات التابعين إلى حفتر، وزعماء قبليين في المنطقة الشرقية، اتُّفق خلاله على توفير أبوظبي حزمة تمويل كبيرة لشراء ولاءات عدد من وجهاء المدن وقبائلها في الغرب الليبي، التي بايعت أخيراً حكومة الوفاق وأعلنت تبعيتها لها.
وأشارت المصادر إلى أن مندوبين قبليين تربطهم علاقات بقبائل كبرى في تلك المدن، بدأوا بالتواصل مع مجالس تلك المدن، لإقناعهم بإعلان الولاء لحفتر، وتبعيتهم له مجدداً، وذلك من دون أي قتال، أي دون استتباع ذلك أي التزام من جانب تلك المدن بمشاركة أبنائهم في أي أعمال قتالية إلى جانب حفتر. وأكدوا أن الهدف من الخطوة فقط إعلان ذلك في بيان رسمي، وذلك مقابل تحمل حكومة شرق ليبيا الالتزامات المالية الخاصة بتلك المدن، بخلاف مبالغ كبيرة لزعماء القبائل فيها.
وأوضحت المصادر أن الأمر لم يقتصر فقط على مدن الغرب الليبي، ولكنه سيشمل عدداً من مدن الجنوب، بالإضافة إلى عدد من الزعماء القبليين الذين بدأوا بالتململ داخل معسكر شرق ليبيا، في أعقاب خطوة حفتر الأخيرة بإعلانه إسقاط اتفاق الصخيرات ومخرجاته، وإعلانه تولي زمام الأمور، وتهميش دور مجلس النواب في طبرق الذي يترأسه عقيلة صالح. وبحسب المصادر، إن التكلفة الاقتصادية لبقاء حفتر باتت مرتفعة للغاية، وهو ما يُتداوَل بشكل واسع داخل معسكر داعمي قائد مليشيات شرق ليبيا، مؤكدين أن الجهود التي تبذلها الإمارات تعد محاولة أخيرة لتحسين الأوضاع عبر فرض واقع جديد، قبل أي مفاوضات سياسية مقبلة، خصوصاً في ظل الدعم التركي الكبير لحكومة الوفاق.
في السياق نفسه، كشفت المصادر أن حفتر بدأ بمعاقبة متمردين داخل معسكره، بعدما رفضوا تنفيذ أوامر صادرة عنه بالتعبئة العسكرية والتوجه إلى محاور القتال حول العاصمة طرابلس، بعد الخسائر التي تعرض لها. وقالت إن "مجموعات مسلحة تابعة لحفتر اعتقلت حسين العبيدي، أحد القادة الميدانيين البارزين في الكتيبة 102، التي كانت تقاتل ضمن مليشياته، وصادرت الأسلحة الثقيلة والآليات التابعة للكتيبة، بسبب إظهار قادتها دعمهم لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح"، موضحة أن "حفتر قرر تفكيك المليشيات المعارضة له في شرق ليبيا، ودمج مقاتليها ومعداتها ضمن كتائب تخضع لإشراف شخصي لأبنائه". وأوضحت المصادر أن ما حدث مع الكتيبة 102 تكرر مع كتيبة أبناء الزاوية، التي كانت تتمركز في بنغازي، حيث فُكِّكَت ووُزِّع أفرادها وأسلحتها على كتائب أخرى، بعدما رفضت، في وقت سابق، تنفيذ قرارات التعبئة العامة، وإعلانها دعم مبادرة عقيلة صالح، ورفض القرارات الأخيرة لحفتر.