[ مظاهرات في العاصمة العراقية بغداد ]
تشهد العاصمة العراقية بغداد انتشاراً غير مسبوق لقوات الجيش والشرطة والأمن الوطني، وذلك بعد دعوات لتظاهرات مليونية وُصفت بالمشبوهة، وحملت دعوات لاقتحام المنطقة الخضراء المحصّنة التي تضم بعثات دبلوماسية مهمة، أبرزها الأميركية والبريطانية، فضلاً عن مقارّ الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية، ما يشير إلى نوايا مبيتة لحرف مسار التظاهرات العراقية عن سلميتها لتسهيل قمعها.
وعقب الدعوات للتظاهرات التي سيكون مركزها في بغداد، ويشارك فيها آخرون من المحافظات، أذيع بيان في ساعة متأخرة من ليل أمس الإثنين، في ساحة التحرير، أعلن فيها المحتجون عدم علمهم بتلك التظاهرات، ولا مطلقيها، داعين المتظاهرين إلى التزام ساحات وميادين التظاهر الرئيسة، وعدم الوقوع في خدع وأساليب السلطة للقضاء على الثورة، معلنين براءتهم من "دعوات قدوم المحافظات إلى بغداد"، مؤكدين أن "ثورة التظاهرات سلمية وستبقى سلمية".
وحذروا من "مخطط لجعل التظاهرات تخريبية"، وقالوا: "نحن واعون وسنحافظ على سلمية التظاهرات، ولن نقبل بمجازر بدماء إخوتنا"، مؤكدين براءتهم من الدعوات لاقتحام المنطقة الخضراء.
وتبرّأت العتبتان العباسية والحسينية في كربلاء من كونهما طرفَين في تلك التظاهرات، كما اعتبر عدد من النقابات العمالية أن البيان الذي حمل اسمها، ودعا إلى التظاهر بـ"مليونية الثلاثاء"، مزيف ولا علم لها به.
ومنذ ليل أمس الإثنين، نشرت القوات الأمنية الآلاف من عناصرها في بغداد عند مداخل المنطقة الخضراء، وقرب مناطق وجود المتظاهرين، وسط أجواء مشحونة وقلق من الأحداث، في وقت أعلنت قيادة عمليات بغداد، حالة التأهب القصوى في العاصمة.
من جهته، قال الناشط المدني، حامد السيد، عبر صفحته على "فيسبوك"، إن "الدعوة للتظاهر يوم 10 – 12 دعوة ليست نظيفة"، مشدداً على "استمرار السلمية بساحة التحرير".
والثلاثاء، خاطب رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الركن عثمان الغانمي، في بيان له، المتظاهرين، قائلاً إن "القوات الأمنية ستبقى لحمايتكم، لحين تحقيق مطالبكم المشروعة"، وذلك خلال بيان له بمناسبة الذكرى الثانية للانتصار على تنظيم "داعش".
ولم تكن الأجواء في الجنوب العراقي مختلفة عنها في بغداد، إذ شهدت انتشاراً أمنياً وإغلاقاً لأغلب الطرق، ومحاولات لمنع المتظاهرين المضادين من التوجه إلى بغداد.
وبعد ليلة غير مستقرة في كربلاء، شهدت صدامات بين المتظاهرين والأمن، على خلفية قطع المتظاهرين طريق بغداد – كربلاء، عزّز الأمن من انتشاره بشكل مكثف في المحافظة، وسط أجواء مشحونة جداً، وتوافد مئات المتظاهرين نحو ساحات التظاهر.
كما شهدت البصرة، وذي قار، وميسان، والمثنى، والقادسية، وبابل، إجراءات مشابهة، ومحاولات من قبل عناصر الأمن الذين قطعوا أغلب الطرق، لمنع وصول المتظاهرين إلى ساحات التظاهر.
وفي ظل هذه الأجواء والمخاوف من تحركات المليشيات، حذر زعيم "مليشيا العصائب"، وهي أحد الفصائل الكبيرة في مليشيا "الحشد الشعبي" قيس الخزعلي، من وقوع أعداد كبيرة من المتظاهرين في تظاهرات الثلاثاء.
وقال الخزعلي في بيان له، صدر ليل أمس الإثنين، إن "التظاهرات السلمية يتغلغل فيها مخربون، وهم يقومون بالحرق والقتل"، داعياً الجميع إلى "الوقوف بوجه هذا المشروع التخريبي وكشف الأقنعة عن هؤلاء"، قائلاً: "إذا تساهلنا معهم، فإن مصالح الناس ستكون بخطر"، مشدداً على أنه "يجب على الجميع أن يسحبوا المظاهر المسلحة من ساحات التظاهر، وفسح المجال للقوات الأمنية لأخذ دورها".
من جهتها، أثنت مفوضية حقوق الإنسان، على دعوات ساحات التظاهر، إلى الالتزام بسلمية التظاهرات، وقال عضو المفوضية علي البياتي في بيان، إن "دعوات اللجان التنسيقية والمنظمة للتظاهرات، بعدم التوجه للعنف والتظاهر كل حسب محافظته، وعدم التوجه نحو المنطقة الخضراء، لتجنب مزيد من الدماء، بالإضافة الى المطالبة بضرورة أن يكون مرشح رئاسة الوزراء القادم مستقلاً ومقبولاً من ساحات التظاهرات، دليل على وعي المتظاهرين والتزامهم بالسلمية والحفاظ على النظام العام".
وحذرت السفارة الأميركية في بغداد، بدورها، الأميركيين الموجودين في العراق، عدا إقليم كردستان، من الاقتراب من ساحات التظاهر، مؤكدة في بيان لها صدر ليل أمس الإثنين، أنه "وفقاً للتقارير، من المتوقع أن تزداد حدة التظاهرات اعتباراً من الثلاثاء، وقد لاحظ المواطنون الأميركيون وجوداً أمنياً مكثفاً".