[ عناصر من قوات الأمن العراقية أثناء مواجهتهم متظاهرين في شارع الرشيد ببغداد ]
أصيبت الحركة بالشلل اليوم الأربعاء في محافظات عدة جنوبي العراق جراء إغلاق الطرقات والاعتصامات في إطار الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع، وفي الوقت نفسه أجبر المتظاهرون قوات الأمن على التراجع في بعض النقاط ببغداد، في حين وصف رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي ما يجري في بلاده بالفتنة الكبيرة، وقال إن السلطات لا تزال حتى الآن في حالة دفاع.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن المحتجين واصلوا اليوم إغلاق عدد كبير من الطرقات وسط مدينة كربلاء وعند مداخلها بعد يوم من إطلاق قوات الأمن الرصاص الحي على متظاهرين في المدينة، مما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة عشرات.
وأضافت الوكالة أن أعمدة الدخان لا تزال تتصاعد من كربلاء، مشيرة إلى أن السلطات المسؤولة عن المزارات الشيعية قررت إغلاق الحوزات الدينية في مدن كربلاء والنجف والحلة.
وفي الديوانية الواقعة جنوب كربلاء أغلقت الدوائر الحكومية والمدارس، في حين قطع متظاهرون أغلب الطرق بإطارات مشتعلة لمنع الموظفين من الوصول إلى مقار أعمالهم، وانسحبت قوات الأمن لتجنب المواجهة مع المحتجين، وفق الوكالة الفرنسية.
كما أغلقت الدوائر الحكومية والمدارس في مدن الكوت والبصرة والحلة والنجف، واستمرت الاعتصامات بدون وقوع أعمال عنف، حسب المصدر نفسه.
وتواصلت الاحتجاجات في البصرة والناصرية، حيث تقع حقول رئيسية للنفط، واعتصم متظاهرون عند شركة نفط ذي قار الحكومية شرق الناصرية، بيد أن العمل تواصل في حقول النفط الواقعة في كلتا المحافظتين.
وفي مدن جنوبية عدة، يستمر المتظاهرون في التوافد إلى ساحات الاعتصام، وسط إغلاق للطرق الرئيسية والجسور الحيوية فيها.
وفي البصرة، ورغم تدخل قوات الأمن لإبعاد المتظاهرين عن بوابة ميناء أم قصر التجاري فإن إغلاق الطريق المؤدي للميناء تسبب في تعطيل التجارة عبره بنسبة 50%، وفق ما نقلته وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولين بالمحافظة.
احتجاجات بغداد
وفي بغداد، قال مراسل الجزيرة إن المتظاهرين تمكنوا في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء من إبعاد القوات الأمنية من محيط ساحة القاضي وسط العاصمة العراقية، ووصلوا إلى جسر الأحرار أحد الجسور القريبة من ميدان التظاهر الرئيسي في ساحة التحرير.
وأضاف المراسل أن المتظاهرين باتوا يتجمعون عند حاجز الصد الأول على جسر الأحرار، وكذلك عند الحاجز الأمني القريب من البنك المركزي.
وكانت الأيام الماضية شهدت كرا وفرا بين المحتجين وقوات الأمن التي استرجعت منهم عددا من الجسور المؤدية إلى المقار الحكومية والدبلوماسية.
وقتل أمس الثلاثاء ثلاثة محتجين وأصيب أكثر من ثلاثين بالرصاص وقنابل الغاز في مدينة كربلاء، وفق ما نقلت مصادر طبية وأمنية، وهو ما يرفع إلى أكثر من 350 حصيلة القتلى منذ بدء الاحتجاجات في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
"فتنة كبيرة"
سياسيا، قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إنه يعترف بوقوع أخطاء في ملف حقوق الإنسان، لكنه أشار إلى أن هناك اعتداء وقع على النظام العام خلال الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع.
وشدد عادل عبد المهدي خلال اجتماع لمجلس الوزراء مساء أمس على أن الدولة لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي، وإلا فإن النظام سينهار، على حد تعبيره.
ونبه إلى أن الدولة تواجه ضغطا شديدا، وأنها في حالة الدفاع عن النفس، ومن واجبها حماية النظام العام والمواطنين على حد سواء.
وقال رئيس الوزراء العراقي إن السلطات مصممة على فرض القانون في مواجهة التظاهر غير السلمي، مؤكدا على حماية حق التظاهر السلمي، وحقوق المواطنين في الحياة والعمل والدراسة، وتأمين الممتلكات الخاصة والعامة، واتخاذ الإجراءات القانونية لضمان استمرار عمل مؤسسات الدولة ومصالح المواطنين.
وخلال اجتماع مجلس الوزراء، ذكر عبد المهدي أنه يمكن تعديل العديد من القوانين التي يطالب المتظاهرون بتعديلها، لكنه قال إن ذلك يجب أن يكون وفق القانون وبطريقة سلمية، وتحدث عما يجري من حراك سياسي داخل البرلمان وداخل مراكز صنع القرار العراقي.
وتعليقا على تصريحات عبد المهدي، قال مدير مكتب الجزيرة في بغداد وليد إبراهيم إنه أراد أن يقف عند منتصف الطريق في ما يتعلق بالمظاهرات.
وأضاف إبراهيم أن رئيس الوزراء العراقي لم يشأ أن يوصف بأنه ضد المظاهرات، لكنه بالنهاية يقول إنه لا يمكنه إلا أن يتحمل مسؤولياته قائدا عاما للقوات المسلحة وقائدا للسلطة التنفيذية.
وتحت ضغط الاحتجاجات، بدأ البرمان العراقي النظر في تعديل قانون الانتخابات والقانون المنظم لمفوضية الانتخابات، وقد أقر النواب أمس مشروع قانون الانتخابات المحلية، لكن الخلافات حالت دون إقرار مشروع قانون الانتخابات التشريعية الجديد.