[ الصفقة تتضمن 20 مقاتلة من طراز سوخوي 35 مقابل ملياري دولار (رويترز) ]
أثارت الأنباء عن صفقة مقاتلات روسية متطورة من طراز "سوخوي 35" لمصر غضبا أميركيا وصل إلى حد تهديد القاهرة بعقوبات إذا أتمت الصفقة، وبينما لم يصدر رد مصري رسمي حتى الآن، تثار علامات استفهام عن أسباب القلق الأميركي وما إذا كانت القاهرة سترضخ للتهديدات.
الصفقة التي كشفت عنها صحيفة كوميرسانت الروسية في أبريل/نيسان الماضي، تحصل مصر بموجبها على أكثر من 20 مقاتلة من طراز سوخوي 35 مقابل ملياري دولار، حيث دخل العقد حيز التنفيذ ويمكن أن تبدأ عمليات التسليم في 2020-2021.
وبحسب ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية قبل أيام، فقد وجّه وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان رسالة إلى وزير الدفاع المصري، جاء فيها أن إبرام تلك الصفقة قد يتسبب في فرض عقوبات على مصر، وأن "صفقات أسلحة جديدة وكبيرة مع روسيا ستؤثر على اتفاقيات التعاون في مجال الدفاع مستقبلا بين الولايات المتحدة ومصر، وعلى المساعدات لمصر لضمان أمنها".
الصفقة مستمرة
ورغم أنه لم يصدر رد مصري واضح على التحذير الأميركي، فإن صحيفة ديلي نيوز المصرية الناطقة بالإنجليزية نقلت عن مسؤول مصري، وصفته بأنه رفيع المستوى، قوله إن "مصر دولة مستقلة ذات سيادة لا تتلقى أوامر من دول أخرى فيما يتعلق بسياساتها الداخلية أو الخارجية"، واعتبر أن التحذير الأميركي لا معنى له ولا يجب أخذه على محمل الجد، مؤكدا أن الصفقة مستمرة ولن يتم إيقافها تحت أي ظرف.
وشدد المسؤول -الذي لم تذكر الصحيفة اسمه- أن مصر لن تسمح لأي جهة أو أي صانع قرار بالتدخل في شؤونها، لأنها تعتبر هذا الأمر انتهاكا لحقوق السيادة التي تعتبرها خطا أحمر، مشيرا إلى سياسة تنويع مصادر السلاح التي تتبعها مصر في السنوات الأخيرة.
هذا التصريح جاء متوافقا أيضا مع تصريحات للواء ناجي شهود المستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا قال فيها إن مصر لن تسمح لأي شخص أن يعطيها أوامر بالحصول على سلاح ما، معتبرا أن التهديد الأميركي هدفه معرفة رد فعل مصر.
مواقف سابقة
أما الخبير المصري المتخصص في شؤون الأمن القومي أحمد رفعت فرجح ألا تلتفت مصر للتهديدات الأميركية استنادا إلى مواقف سابقة مشابهة قال إنها تتعلق بالأمن القومي وتسليح الجيش، أبرزها عندما هددت واشنطن بوقف المعونة لمصر واحتجازها لصفقة طائرات الأباتشي ومنعها إمداد مصر بقطع غيار لمقاتلات "أف 16".
وبحسب ما ذكره رفعت لوسائل إعلام روسية، فإن القاهرة في هذه المواقف الثلاثة لم تطلب من واشنطن إعادة النظر في مواقفها، بل لجأت إلى بدائل عبر شراء مروحيات من روسيا وإبرام صفقة مع فرنسا لشراء طائرات رافال.
وتمتلك مصر مقاتلات متنوعة أبرزها رافال الفرنسية و"أف 16" الأميركية و"ميغ 29" الروسية، فلماذا تسعى لامتلاك سوخوي 35 الروسية وتثير غضب الحليف الأميركي إلى حد تهديده بعقوبات؟ ولماذا كل هذا القلق الأميركي، خاصة وأن واشنطن لم ترد حتى الآن على طلب مصري لشراء مقاتلات "أف 35"، التي يقول مراقبون إن الولايات المتحدة تحظر بيعها في الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل؟
فهل للغضب الأميركي علاقة بتوازن القوى في المنطقة، الذي ترغب واشنطن في أن يكون دائما في صالح إسرائيل؟ أم إن الولايات المتحدة لا تريد لروسيا أن تحصل على نصيب من مبيعاتها للأسلحة والطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط؟ وهو ما وضح جليا في صفقة صواريخ "أس 400" الروسية لتركيا، والتي عوقبت أنقرة بسببها بخروجها من برنامج طائرات "أف 35" الأميركية.
في هذا الإطار، يرى اللواء الطيار السابق بالقوات المصرية السيد خضر أن الولايات المتحدة لن تعطي مصر مطلقا السيادة الجوية، ولذلك فإن توجه القاهرة إلى روسيا للحصول على مقاتلات سوخوي 35 قرار صائب وجاء في توقيته.
وشدد خضر في تصريحات نقلتها وسائل إعلام روسية على أن طبيعة الصراعات الإقليمية تحتم على مصر إتمام تلك الصفقة، مؤكدا أن القدرات القتالية للطائرة سوخوي 35 لا تقل كفاءة عن أف 35 الأميركية.
منافسة غير عادلة
أما التعليق الروسي على التهديدات الأميركية لمصر فجاء على لسان أندريه كراسوف نائب رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما (مجلس النواب) الذي اعتبر التهديد بمثابة محاولة غير عادلة للمنافسة في سوق السلاح، ومسعى من واشنطن لتعزيز مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية.
كما اعتبر عضو اللجنة الدولية بمجلس الاتحاد الروسي (مجلس الشيوخ) أليكسي كوندراتيف التهديدات الأميركية لمصر تتعارض مع القواعد الدولية لتجارة الأسلحة.
وقال كوندراتيف لوكالة نوفوستي الروسية إن واشنطن ليس لها الحق في التدخل في المعاملات التجارية "فهذا غير مسموح به"، مشيرا إلى أن هناك منافسة عالية في سوق السلاح، والجانب الأميركي كالعادة يحاول استخدام الضغط.
وتصنف سوخوي 35 التي تنتمي للجيل الرابع، على أنها من مقاتلات فرض السيادة، ويطلق عليها أيضا "الفارس المدرع"، وهي قادرة على تنفيذ مهام الاجتياح الجوي لسماء العدو، وفرض السيطرة الجوية في سماء المعركة، وتحييد كافة تحركات الطيران المعادي، وتوفير الغطاء الكامل للقوات الأرضية وللمقاتلات الصديقة متعددة المهام أثناء تنفيذها للمهام الهجومية.
ويمكن للمقاتلة سوخوي 35 حمل ما يبلغ ثمانية أطنان من القنابل والصواريخ في 12 نقطة تعليق، ولديها قدرة فائقة على المناورة في الاشتباك الجوي، كما أن لديها خصائص تلبي متطلبات الجيل الخامس من الطائرات، ومزوّدة برادار شبكي ومحركين يمكن التحكم باتجاه دفعهما، وبأسلحة ذكية حديثة تتيح لها رصد وتدمير 10 أهداف جوية وأرضية في آن واحد على مسافة كبيرة وبدقة عالية.