[ تواصل المظاهرات المطالبة بتغير النظام في العراق ]
في تطور جديد بالمشهد العراقي، امتدت التظاهرات في بغداد إلى شارع الرشيد، أحد أقدم شوارع العاصمة، وتمكن متظاهرون من عبور جسر الأحرار، الذي يربط بين جانبَي بغداد، الكرخ والرصافة، في محاولة منهم للعبور نحو المنطقة الخضراء.
وتجمّع مئات المتظاهرين قرب مقر الحكومة في منطقة العلاوي وسط بغداد، وبالمقابل انتشرت قوات عراقية بمحيط المنطقة الخضراء ومبنى الإذاعة والتلفزيون.
وكان المتظاهرون قد فشلوا في اجتياز جسري الجمهورية والسنك المتجاورين المغلقين بواسطة حواجز إسمنتية والمئات من عناصر الأمن.
وقالت مصادر طبية عراقية في بغداد وشهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إنّ ما لا يقل عن خمسة قتلى سقطوا عند بداية جسر الأحرار ووسط شارع الرشيد، بينهم فتى في السادسة عشرة من العمر، كذلك سقط نحو 30 جريحاً.
ووفقاً للمصادر ذاتها، تفرق المتظاهرون داخل الأزقة الضيقة بعد نزول قوات مجهولة ترتدي السواد وبأحذية رياضية حاولت اعتقالهم، مع وصول سيارات إسعاف إلى المكان، وتولي سائقي عربات "التوكتوك" مهمة نقل الضحايا والمصابين أيضاً.
وليس بعيداً عن ساحة التحرير، قطع المتظاهرون الطرق الرابطة بمناطق مدينة الصدر والشعب والبلديات والمناطق القريبة منها الواقعة في شرقي العاصمة لأجل الإضراب العام، وقطعوا الخط السريع (قناة الجيش)، فضلاً عن إغلاق منطقة الزعفرانية، ومنطقة الشعلة ومنطقة العبيدي، وجسر البنوك والدورة، وساحة الخلاني القريبة من ساحة التحرير.
ونصب المتظاهرون خياماً لهم في بعض الشوارع التي أغلقوها، بينما واجهتهم قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحيّ لأجل فتح الطرق.
وفي الجنوب العراقي، الذي شهد ليلة عنيفة، ولا سيما في محافظة كربلاء، تتواصل التظاهرات والإضراب بنحو واسع جداً، حيث أغلق المتظاهرون جميع الجسور والطرق الرئيسة في السماوة (مركز محافظة المثنى).
وقطع متظاهرو محافظة ذي قار جميع الجسور في المحافظة، وعُلِّق الدوام الرسمي، رغم محاولات الأمن لمنع ذلك. وشهدت النجف، التي تتسع فيها دائرة الإضراب، اليوم، إغلاق مقار شركات الاتصال الهاتفي (زين وآسيا سيل وكورك) في المحافظة، وشهدت إغلاق العديد من الطرق الحيوية.
ولم تغب العشائر العراقية عن مشهد التظاهرات، حيث أعلنت قبيلة بني تميم دعمها ومساندتها للتظاهرات وحقوقها المشروعة. وأعلنت القبيلة، في بيان، براءتها "من كل منتسب في جهاز أمني يعتدي على المتظاهرين"، مطالبة بـ"إخراج الفاسدين وتقديمهم إلى محاكم علنية".
ودعت إلى "حل الأحزاب والكتل السياسية، وعدم السماح بمشاركتهم القادمة في الحكم".
وفي ظل هذه الأجواء، ارتفعت حصيلة ضحايا التظاهرات منذ انطلاقها، مطلع الشهر الماضي، وأوضحت مصادر طبية عراقية، لـ"العربي الجديد"، أنّ "عدد ضحايا التظاهرات منذ انطلاقها في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ارتفع إلى 265 قتيلاً و12 ألف مصاب"، مبيناً أنّ "بغداد وذي قار وكربلاء وميسان تصدرت المحافظات بأعداد الضحايا".
ومقابل ذلك، شددت الأجهزة الأمنية إجراءاتها للتضييق على المتظاهرين، إذ أعلنت قيادة عمليات البصرة، في بيان، أنها "تؤكد أوامرها السابقة بعدم قطع الطريق المؤدية إلى المنشآت الحيوية، خصوصاً الموانئ العراقية"، مؤكدة أنها "حصلت على الموافقات القانونية من السلطة القضائية باعتقال مسبّبي قطع الطريق المؤدية إلى الموانئ العراقية، حسب المادة الرابعة من قانون الإرهاب".
وشددت على أنها ستقوم "بعمليات دهم وتفتيش والبحث عن المطلوبين ومسبّبي قطع الطرق".
وقال بيان للحكومة العراقية مساء اليوم الاثنين إن قوات الأمن فرقت مجاميع توجهت نحو وزارة العدل، مشيرة إلى إحراق متظاهرين لعمارة بعلبك وسط بغداد، وقيام الدفاع المدني بإخماد الحريق.
في الأثناء، بحث رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، مع وفد من مجلس النواب الأميركي وصل إلى بغداد، ملف التظاهرات والإصلاحات التي تعتزم الحكومة والبرلمان تنفيذها.
ووفقاً لبيان صادر عن مكتبه، استقبل الحلبوسي الوفد الأميركي برئاسة النائب عن الحزب الديمقراطي في واشنطن ورئيس لجنة القوات المسلحة آدم سميث، مبيناً أن الجانبين استعرضا "التطورات السياسية في البلاد، ومطالب المتظاهرين المشروعة، وحزم الإصلاحات التي أقرَّها البرلمان العراقي، والإجراءات المتعلقة بالتعديلات الدستورية، وقانون الانتخابات".
وأكد الحلبوسي "ضرورة حماية المتظاهرين وعدم الاعتداء على القوات الأمنية، مع الحفاظ على سلمية التظاهرات، والعمل على إجراء إصلاحات جذرية، لتوفير الحياة الكريمة للشعب العراقي".