[ ارشيف ]
أعلنت وزارة الريّ المصرية عودة الوزير محمد عبد العاطي، صباح اليوم الجمعة، من جولة خارجية استمرت ثلاثة أيام، وشملت كلاً من السودان وإثيوبيا، للوقوف على آخر التطورات المتعلقة بملف المياه وسد النهضة الإثيوبي، وتأثيراته السلبية على الحصة المصرية من مياه النيل التي تقدر بنحو 55 مليار متر مكعب من المياه.
وسلّم وزير الموارد المائية والريّ، الرؤية المصرية النهائية بشأن قواعد ملء وتشغيل سدّ النهضة، إلى وزير المياه والريّ والكهرباء الإثيوبي، سلشي بيكيلي، وذلك خلال جلسة مباحثات بينهما بمقر وزارة المياه الإثيوبية، مصحوبة بطلب مصري سوداني مشترك لعقد اجتماع سداسي على مستوى وزراء الريّ والخارجية في البلدان الثلاثة، لبحث تطورات الأزمة في ظل مسارعة أديس أبابا في عمليات البناء.
وقال وزير الريّ المصري في تصريحات رسمية صباح الجمعة فور عودته من أديس أبابا، إنه على صعيد المناقشات والمباحثات المشتركة، تم عرْض الخبرات المصرية في مجال إدارة الموارد المائية، ورفع كفاءة الاستخدام ومقاومة الحشائش المائية، موضحاً أنه تمت دعوة الجانب الإثيوبي للاطلاع على تلك الخبرات، والاستعداد لتنفيذ مشروعات ثنائية مشتركة، تسهم في دعم وترسيخ أوجه التعاون بين البلدين.
وجاءت زيارة وزير الري لإثيوبيا عقب زيارته أمس الأول للسودان، رفقة وفد فني رفيع المستوى من الوزارة.
وبحسب مصادر مصرية حكومية، فإن الرؤية المصرية تضمنت تمسكاً مصرياً بضرورة وجود خبراء مصريين، أو بعثة فنية دولية كمراقبين ضمن إدارة وتشغيل السدّ بعد الانتهاء من عمليات التشغيل، مضيفة أن وجهة النظر المصرية شملت مقترحاً مصرياً بملء خزان السدّ على مدار 7 سنوات، وهي الفترة التي يرى فيها الخبراء المصريون والمتخصصون، أنها كافية للوصول بالتأثيرات السلبية على الحصة المائية المصرية إلى أقل مستوى.
وتضيف المصادر: "على الرغم من فترة السبع سنوات لملء الخزان، إلا أن تلك الفترة أيضاً تتضمن تحمل مصر لتأثيرات سلبية ليست بالقليلة"، متابعة: "أن القاهرة قدمت تفصيلاً بشأن التكلفة التي ستتحملها من جراء عمليات تخزين المياه خلف السدّ، التي تتمسك أديس أبابا بأن لا تزيد عن ثلاث سنوات".
ولفتت إلى أن القاهرة ضمنت الملف الذي سلمه وزير الريّ المصري للجانب الإثيوبي، بنوداً مفصلة بشأن نحو 70 مليار جنيه مصري، ستتحمله لإنشاء محطات تحلية لمياه البحر على مدار تسع سنوات لتعويض مدة العجز الذي ستخلفه عملية ملء الخزان على الحصة المصرية من النيل.
كما تضمنت الإجراءات التي اتخذتها القاهرة ومن بينها تخفيض مساحات شاسعة من المحاصيل كثيفة الاستهلاك في المياه مثل الأرزّ، وحجم الخسائر المالية التي تحملتها مصر في هذا السياق، وكيف تحولت من دولة مصدّرة للمحصول إلى دولة مستوردة، وحجم تحمل خزينة الدولة لتلك الخطوة.
وبحسب المصادر، فإن القاهرة متمسكة بالاحتكام لتقارير المكاتب الفنية، بعد تيقّنها من أن تلك التقارير تثبت حجم الأضرار التي يخلفها السدّ على دولتي المصبّ، بخلاف التأثيرات السلبية على الحصة المائية، نظراً للتهديدات التي يسببها بسبب عمليات ترسيب الطمي، وعناصر الأمان، إذ قد يتسبب بغرق المنطقة حال تعرض لزلازل قوية.
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه مصدر دبلوماسي مصري مطّلع على ملف التعامل مع الأزمة، إن إثيوبيا راهنت خلال الفترة الماضية، عبْر وساطتها في الأزمة السودانية السياسية بين المجلس العسكري والمعارضة، على استثمار ذلك الدور في تعطيل اجتماعات السدّ، بحكم اطلاعها الكامل على الأزمة السياسية في السودان، بعد الوساطة التي يقوم بها آبي أحمد رئيس الحكومة الإثيوبية.
ولفت المصدر إلى أن القاهرة بذلت جهوداً مضنية خلال الأيام الماضية، مكنتها من تحريك ملف مياه النيل لدى الجانب السوداني، على الرغم من أنه لا يحظى بأولوية حيوية في الوقت الراهن نظراً للأوضاع السياسية هناك، إذ حصلت مصر على دفعة ودعم سوداني في هذا الملف من خلال الحصول على موافقة بدعم المطلب المصري لعقد الاجتماع السوداني.
وكان مدير مشروع سدّ النهضة الإثيوبي كيفلي هورو، قد أكد في تصريحات رسمية نهاية الأسبوع، أن شركة "سينوهيدرو" الصينية ستبدأ تركيب 11 وحدة لتوليد الكهرباء في السدّ خلال الشهر المقبل.
وشدد هورو خلال التصريحات، على أن العمل في سدّ النهضة يسير وفقاً للمعدلات الموضوعة، مشيراً إلى أنه سيتم الانتهاء من أعمال البناء عام 2023، ليصبح أكبر سدّ كهرباء في أفريقيا بقدرة 6450 ميغاوات.
ويأتي ذلك في وقت قال فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن بلاده استعدت جيداً لقضية سدّ النهضة، وخاصة في مراحل التفاوض مع الجانب الإثيوبي.
وأشار خلال كلمة له بجلسة محاكاة الدولة المصرية، في مؤتمر الشباب الذي اختتم فعالياته بالعاصمة الإدارية، إلى أن هناك دراسات أجرتها مصر لتقدر حجم المياه الذي سيتم حجزه عن مصر مع بداية تشغيل سدّ النهضة.
وأضاف السيسي: "لا بدَّ من الاتفاق مع الأشقاء في إثيوبيا على فترة ملء خزان السدّ، بالشكل الذي نستطيع معه تحمل الأضرار، ويجب أن نقدر حجم المياه التي نستطيع تحمل فقدانها، والتي من الممكن أن نتوافق عليها".