[ الخوف مما تحمله الحقائب.. حذر ثوري إزاء عودة وفد سوداني من الإمارات ]
بينما يحاول تحالف قوى الحرية والتغيير التكتم على مخاوفه إزاء زيارة وفد من الحركة الشعبية-شمال لأبو ظبي تعكس أصوات ثورية قلق المعتصمين السودانيين من "حمولة الحقائب".
وقد كان لافتا الدعم الاقتصادي الذي حظي به المجلس العسكري الانتقالي في السودان من محور السعودية والإمارات ومصر.
وتوغلت أبو ظبي كثيرا في الشأن السوداني بعد سقوط نظام البشير عندما استضافت مباحثات مع الحركات المسلحة قبل أكثر من 10 أيام.
ويقول الطيب العباسي -من التجمع الاتحادي المعارض المنضوي تحت قوى إعلان الحرية والتغيير- إن الإمارات دعت قادة الحركات المسلحة بإيعاز من السعودية.
ويضيف أن قوى الحرية والتغيير ستعمل على أن يكون هذا الوفد في صفها عندما يصل الخرطوم قادما من أبو ظبي، ويقود الوفد ياسر عرمان وإسماعيل جلاب.
ولا يبدو مطمئنا البيان الذي أصدرته الجبهة الثورية التي تضم الحركات المسلحة الأحد الماضي، إذ يتهم حلفاءها في قوى نداء السودان بتغييب الجبهة عن المفاوضات مع العسكر.
هذا البيان وضع الكثير من إشارات الاستفهام بشأن عرمان الذي مكث في الإمارات نحو أسبوعين.
ويشير إلى مساهمة المجلس العسكري والجيش وقوات الدعم السريع في التغيير، والمطالبة بأن تكون قضايا الحرب ضمن ترتيبات الفترة الانتقالية.
لكن القيادي في حزب البعث وجدي صالح عبده يؤكد أن الجبهة الثورية ممثلة في إعلان الحرية والتغيير، وأن التمثيل في التفاوض مع العسكر بالتحالفات وليس بالفصائل.
ويبدي عبده مرونة وهو يقول للجزيرة نت "إن المطالبة بتمثيل خاص للحركات المسلحة لطبيعة خصوصيتها مقبول، فالفترة الانتقالية تتطلب تمثيلا إيجابيا لمناطق النزاعات".
ويتابع "ثمة ترتيبات أمنية في المرحلة القادمة لتحقيق السلام عبر برنامج يستوعب قضايا الحرب والسلام لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة".
الثورة المضادة
وفي ساحة الاعتصام بالخرطوم تتزايد المخاوف من دور مضاد تجاه الثورة من قبل الرياض وأبو ظبي والقاهرة، وتنامت هذه المخاوف بوضوح بعد زيارة عرمان وجلاب لأبو ظبي.
ونظرا لدور الإمارات في مصر وليبيا، فإن النشطاء ينظرون إليها بعين الريبة.
وفي صفحته على فيسبوك، كتب الصحفي عثمان فضل الله أن مسارعة الحركة الشعبية بإرسال وفد للداخل فيها تسرع وبلا معنى وتنسحب لصالح العسكر كاعتراف ضمني بسلطة المجلس العسكري.
ورأى أن الوفد يضعف الذين يخوضون الآن معركة شرسة لانتزاع السلطة من جنرالات النظام المخلوع، وقال "نتمنى من الحركة إرجاء إرسال وفدها الى حين تشكيل المجلس السيادي بأغلبية مدنية، خاصة أن للحركة ممثلين بالداخل".
وحتى الآن، يتحاشى تحالف نداء السودان بقيادة زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي الرد على اتهامات الجبهة الثورية لحلفائها في الداخل بإقصاء الحركات المسلحة في مفاوضة العسكر، كما يتجنب أيضا التعليق على مهمة عرمان وجلاب بالخرطوم.
بيد أن وجدي صالح يشير إلى أن قوى الإجماع الوطني تلقت "تنويرا" من قيادات الحركة الشعبية بالداخل، ولا يملك التحالف إلا الترحيب بكل أطراف السودان طالما لم تتصرف الحركة كخصم للثورة.
لكن الطيب العباسي ينفي وجود تنسيق بين وفد مقدمة الحركة والتجمع الاتحادي المعارض، موضحا أن الوفد سيصل ويقابل الأطراف ويزور ميدان الاعتصام.
وأبدى أمله في استثمار زيارة الوفد لخط الثورة، مضيفا أن خطة قوى إعلان الحرية والتغيير تتضمن الحوار مع المجموعات المسلحة بعد ستة أشهر من تشكل الحكومة الانتقالية "كما أن ثمة مقاعد شاغرة مجنبة لحملة السلاح".
وأكد أن قوى الحرية والتغيير تتواصل مع قادة الحركات المسلحة في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق "ولا توجد خلافات، وكل ما هناك أنهم موجودون في الخارج".
ويتشكل إعلان الحرية والتغيير من تحالفات عدة تشمل: تجمع المهنيين، قوى الإجماع الوطني، نداء السودان، التجمع الاتحادي المعارض، ومنظمات مجتمع مدني.
حساسية الزيارة
وبحسب بيان القيادة التنفيذية للحركة الشعبيةـ شمال، فإنه سيتم إرسال وفد حسن نوايا للخرطوم للقاء قوى الحرية والتغيير والقوى السياسية والمدنية الأخرى والمجلس العسكري.
وعلى النقيض، أفاد بيان آخر للحركة ونسب إلى عبد العزيز الحلو بأن الذهاب إلى الخرطوم يتم بموجب تسوية سياسية شاملة وعادلة تضع نهاية منطقية للحرب.
وجاء ذلك بعد مشاورات في جوبا لتوحيد فصيلي الحركة بدعم إماراتي وتحت رعاية رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت.
وانقسمت الحركة -التي تقود تمردا بمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق- منذ مارس/آذار 2018 بين فصيلين، أحدهما يقوده مالك عقار، والثاني يتزعمه عبد العزيز الحلو.
وتأتي زيارة عرمان وجلاب إلى الإمارات في ظل توتر لافت وتبادل للاتهامات بين العسكر والمعتصمين، مما يجعل الزيارة بالغة الحساسية على الرغم من معلومات حصلت عليها الجزيرة نت تفيد بأن ثمة وساطة تقوم بها شخصيات وطنية لإزالة التوتر.
ويقول العباسي إن شخصيات وطنية اتصلت بقوى الحرية والتغيير في إطار تقريب وجهات النظر مع المجلس العسكري.