[ الاحتلال يحرم الطفلة جنات ابنة الأسير حسام العطار من رؤية أبيها (الجزيرة) ]
لم يكن قد مضى سوى أربعة أشهر على زواج حسام العطار (34 عاما) عندما اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي من منزله في منطقة السودانية شمال قطاع غزة.
وتقول زوجته فرحانة العطار (28 عاما) للجزيرة نت إن زوجها كان نائما عندما اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال المنزل خلال الحرب الإسرائيلية الأولى على غزة عام 2009 واعتقلته، وحكمت عليه بالسجن 18 عاما بتهمة الانتماء لكتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
مكثت فرحانة خمسة أعوام قبل أن تسمح لها سلطات الاحتلال بزيارة زوجها في السجن، حيث كانت ممنوعة من الزيارة، في إطار العقوبات التي فرضتها إسرائيل على أهالي أسرى حركة حماس.
جنات.. ثمرة النطف المهربة
أدركت فرحانة وحسام طول مدة السجن والغياب وتأثيرها عليهما، فقررا خوض تجربة الإنجاب بواسطة "النطف المهربة" من داخل السجن، فكانت ثمرة هذا القرار ابنتهما جنات التي بلغت الآن الرابعة من عمرها.
بعد محاولات عدة، تمكنت فرحانة من اصطحاب طفلتها جنات لزيارة والدها في سجن "نفحة"، قبل نحو أربعة أعوام، وكانت وقتها رضيعة لم تتجاوز عامها الأول.
تتحدث فرحانة عن تلك الزيارة الوحيدة لجنات والأخيرة لهما معا قائلة "كان موعدي عند الساعة 11 صباحا، لكن إدارة مصلحة سجون الاحتلال أخرتنا حتى الساعة الرابعة مساء، قبل أن تبلغنا برفض الزيارة، والسبب "بنتك إرهابية".
رضيعة متهمة بالإرهاب
وأضافت" انتابني غضب شديد، بنت رضيعة يتم اتهامها بالإرهاب، ورفض لقائها والدها لأول مرة منذ مولدها، وحينها علم الأسرى بذلك واحتجوا، وكانوا لتوهم قد أوقفوا إضرابهم -إضراب الكرامة- فرضخت مصلحة السجون وسمحت لنا بالزيارة".
وتتابع فرحانة أن الزيارة استمرت نحو نصف ساعة، وعند خروجها هددتها مديرة السجن باحتجاز ابنتها ومنع عودتها إلى غزة إن حاولت مجددا اصطحابها خلال الزيارة قائلة لها "كيف تأتين ببنت غير شرعية معك إلى السجن؟ في إشارة منها إلى أنها أنجبتها بواسطة نطفة مهربة".
مرات قليلة تمكنت فيها من الزيارة عقب إنجابها ابنتها جنات، ولكنها عانت من إجراءات إسرائيلية شديدة التعقيد، تتعلق بالتفتيش ووقت الزيارة، قبل أن تمنعها سلطات الاحتلال كليا من الحق في الزيارة منذ سنوات، تابعت خلالها مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من دون جدوى.
العقاب والتحدي
وبرأي مدير "جمعية واعد للأسرى والمحررين" عبد الله قنديل فإن سلطات الاحتلال تعاقب الأسرى وزوجاتهم وتتخذ ذلك إجراء انتقاميا، بعد نجاحهم في التغلب على عتمة السجن وأسواره العالية، بالإنجاب بواسطة النطف المهربة.
ويوضح قنديل للجزيرة نت أن أخطر هذه الإجراءات العقابية "المنع من الزيارة وإخضاع النساء للتفتيش شبه العاري والتحقيق والإهانة، فضلا عن منع الأطفال من الزيارة نهائيا، وزيادة فترات أحكام الأسرى بسنوات إضافية وفرض غرامات مالية باهظة".
وذكر قنديل أن سلطات الاحتلال تعتبر أطفال الأسرى من "النطف المهربة" أطفالا "غير شرعيين"، وتحرمهم من الحق في زيارة آبائهم داخل السجون، لافتا إلى أن أسرى من غزة نجحوا -على مدار السنوات الماضية- في التغلب على سنوات حكمهم الطويلة وإنجاب 11 طفلا بواسطة النطف المهربة، وجميعهم محرومون من الزيارة.
سفراء الحرية
واعتبر قنديل أن حالات هؤلاء الأطفال أصعب وأشد من الأطفال الأيتام الذين فقدوا آباءهم واستسلموا للقدر، لكن أطفال "النطف المهربة" يعلمون أن لهم آباء تغيبهم السجون ولا أمل في رؤيتهم بسبب "عنجهية الاحتلال".
وحسب رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة فإن أول عمليات الإنجاب بواسطة النطف المهربة من جانب الأسير عمار الزبن المعتقل منذ عام 1998 والذي يقضي حكما بالسجن المؤبد، وأنجب مولوده الأول مهند في عام 2012، قبل أن ينجح مجددا في إنجاب مولوده الثاني صلاح الدين في عام 2014.
ويضيف أن عمليات الإنجاب تكررت لاحقا من جانب 51 أسيرا أنجبوا 67 طفلا بواسطة النطف المهربة، معتبرا هؤلاء الأطفال "سفراء الحرية"، وقد حقق آباؤهم الأسرى بإنجابهم "انتصارات عظيمة" على السجان الإسرائيلي، وأثبتوا أن أحكام المؤبد والأحكام الجائرة لم تفقدهم الأمل في الحياة والحرية.