[ ملصقات دعائية لبن سلمان في شوارع لندن (رويترز) ]
منذ تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد في السعودية، تحولت العاصمة البريطانية لندن إلى مركز أساسي لحملة العلاقات العامة والحملات الإعلانية لصالح السعودية التي أغدقت بالأموال على شركات العلاقات العامة والوكالات الاستشارية دون أن تحقق الرياض أهدافها من ذلك.
وكشفت نتائج تحقيق استقصائي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية أن السعودية أنفقت ملايين الجنيهات الإسترلينية على عقود استفادت منها شركات علاقات عامة بغرض تحسين صورة المملكة وحلفائها خارجيا.
ووفق الصحيفة، فلطالما كانت صورة السعودية محل جدل بالنظر إلى سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان وتورطها بحرب اليمن قبل أن تتركز عليها الضغوط بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلاده بإسطنبول.
وذكر التحقيق الاستقصائي أسماء شخصيات وشركات بريطانية متعددة ظفرت بعقود مالية كبيرة، من بينها وكالة فرويد التي بدأت مؤخرا تنأى بنفسها عن المملكة بعد تزايد الضغوط على الرياض فيما يخص مقتل خاشقجي.
وأعد مكتب لندن للناشر الإلكتروني "فايس" سلسلة من الأفلام الترويجية لتحسين صورة السعودية. وحسب مصادر خاصة يعمل فريق خاص من "فايس" على مواد تروج للمملكة بالتنسيق مع المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق المقربة من وزارة الإعلام السعودية.
وقد التقى ولي العهد السعودي بمؤسس "فايس" شان سميت ببرج يملكه الأخير في الولايات المتحدة الأميركية.
وحظي فيديو ترويجي أنتجته فايس -كجزء من اتفاق لترويج السياحة السعودية- بالملايين من المشاهدات على قناة الشركة على يوتيوب، وقد ذيل ذلك الفيديو بعبارة "أنتج بالشراكة مع المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق".
عقود شراكة
وتبرعت شركة نشر سعودية -وقعت عقد شراكة مع مؤسسات إعلانية بريطانية– لمعهد توني بلير (رئيس الوزراء البريطاني السابق) للتغيير مقابل الاستشارة الإعلامية لبلاده، فيما تكلفت شركة "بيل بوتينغر" للتسويق بتقديم المشورة للدولة السعودية فيما يخص التواصل الإستراتيجي.
ومنذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد نشط التواصل السياسي الخارجي للمملكة مما شكل فرصة للكثير من شركات الدعاية لإبرام عقود مع الرياض.
وتكفلت شركة فرويد التي أسسها ماتيو فرويد بتقديم الدعم للمملكة فيما يخص إعادة إطلاق رؤية 2030، وقال متحدث بالخصوص إن شركته لم تعد تعمل مع السلطات السعودية منذ هذا الأسبوع.
وحسب مصادر خاصة، قامت مجموعة "سي تي" التي أسسها الإستراتيجي لينتونكروسبي بالترويج لعدة مقالات ضد قطر بعيد محاصرتها من السعودية والإمارات البحرين، وإعلانها تلك الدول قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة.
وقالت الغارديان إن مجموعة "سي تي" لم ترد على سلسلة من الاستفسارات المتعددة عن علاقتها بالمملكة أو حلفائها.
أجندة بن سلمان
في السياق كشفت بايجفايلد كلوغبال كانسال للصحيفة البريطانية أنها وبعد شهور من العمل لصالح السلطات السعودية، قررت التوقف عن ذلك.
وأوردت الغارديان أسماء شركات علاقات عامة أخرى أوقفت علاقاتها مؤخرا مع الرياض في الفترة الأخيرة.
ومنذ بداية مارس/آذار الماضي، قامت مجموعة من الصحف البريطانية بما فيها الغادريان بالترويج لإعلانات تخص أجندة بن سلمان "الإصلاحية".
ووقعت المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق العام الماضي شراكة مع موقع "الإندبندنت" البريطاني لإطلاق خدمات بأربع لغات؛ هي الأردية والتركية والفارسية والعربية.
وأعلن حينها أن كل موقع سيحتوي على ترجمات مباشرة لمقالات من "الإندبندنت"، إلى جانب فرق من صحفيين تابعين للمجموعة السعودية مقرهم لندن وإسلام آباد وإسطنبول ونيويورك.
وكان يرأس مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق الأمير بدر، الذي عين وزيرا للثقافة وهو أحد المقربين من ولي العهد السعوي محمد بن سلمان.
صناع القرار
وتعليقا على حملة العلاقات العامة السعودية في بريطانيا، قالت رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شاتمام هاوس المعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية لينا خطيب إن السلطات السعودية أطلقت منذ عامين وبالتحديد منذ تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد حملة علاقات عامة واسعة النطاق مركزة على بريطانيا وأميركا.
وحسب الخطيب، فإن السعودية حرصت على تعزيز صورتها بالخارج -وهو هدف لم تنجح في تحقيقه- وناقشت إطلاق مركز أبحاث موال للسعودية في لندن بالتزامن مع سعي مشابه في الولايات المتحدة حيث أطلقت على سبيل المثال مركز أبحاث اسمه "مؤسسة العربية".
وسعت الرياض إلى استغلال الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي حيث عملت على تعزيز استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع بريطانيا وقدمت نفسها بديلا للأوروبيين، حسب المتحدثة.
واستكمالا لحملتها الإعلانية، استهدفت السلطات السعودية صناع القرار في بريطانيا حيث قدمت لعشرات من أعضاء حزب العمال وحزب المحافظين رحلات مجانية في السنوات الثلاث الماضية للمملكة تقدر قيمتها الإجمالية بحوالي مئتي ألف جنيه أسترليني.