[ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (رويترز) ]
تصف صحيفة تايمز البريطانية السعودية بمملكة القسوة، وتقول إن الإصلاحيين السعوديين سيقوضون مصداقيتهم إذا استمروا بقطع رؤوس النقاد.
وتقول الصحيفة في افتتاحيتها إنه عندما أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن إصلاح جذري لبلاده، فإنه تعهد بأن تتبنى بلاده ما سماه "الإسلام المعتدل" وأن تعالج قضية الإصلاح الاجتماعي.
وكان أحد تنازلاته التي تستحوذ على العناوين الرئيسية هو تخفيف الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات، حيث قالت إحدى النساء بعد السماح لها بقيادة السيارة "أنا أشعر بالحرية وكأنني طائر".
غير أن الناشطة الشيعية السعودية إسراء الغمغام ليست حرة، ولا هي بالمستفيدة من زعم ابن سلمان للسعي لتبني البلاد شريعة إسلامية أكثر اعتدالا.
فالغمغام لا تزال محتجزة في موطنها السعودية منذ عامين، وهي تنتظر صدور الحكم من محكمة الإرهاب في البلاد، حيث يطالب المدعون العامون بإعدامها هي وأربعة معارضين آخرين.
وتضيف الصحيفة أن لدى المحكمة في السعودية صبغة في تنفيذ حكم الإعدام بالشيعة المتمردين وفي الحد بشدة من حقوق المدعى عليهم. وأنه سيكون التنفيذ بمثابة حكم مروع على إنسانة متهمة بالمشاركة في المظاهرات وبترديد شعارات حاسمة ونشر احتجاجات مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ولكن إذا أراد ولي العهد السعودي أن يثبت أنه زعيم واثق وجاهز بالفعل لاعتناق التغيير في بلاد، فإن عليه أن يفكر مرة أخرى في تنفيذ حكم الإعدام بحق هذه الناقدة المعتدلة.
وتقول تايم إن المشكلة الأساسية التي تواجهها السعودية هي أن ولي عهدها قرر أن الطريقة الوحيدة الآمنة لإصلاح البلاد هي من الأعلى إلى الأسفل. وإن هذه الأمر أصبح واضحا بعد ارتياحه لقوانين قيادة المرأة للسيارة.
غير أن السلطات السعودية اعتقلت النساء الناشطات اللاتي قمن بحملة من أجل التغيير كما لو أنهن يشكلن نوعا من التهديد على المجتمع.
وأما الحقيقة فتتمثل في أن ولي العهد السعودي يريد أن يدعي الفضل في تحسن وضع المرأة لنفسه.
كما أن النظام في السعودية لا يزال يُلزم النساء بالسعي للحصول على موافقة الذكور على العديد من المعاملات الروتينية وإنه يستمر في كبح استقلالهن.
وكان اعتقال الناشطة الشيعية الغمام جزءا من حملة القمع ضد الاحتجاجات في منطقة القطيف بالمنطقة الشرقية، التي يقطنها عدد كبير من الشيعة الذين اشتكوا لسنوات من التمييز والاضطهاد.
تناقضات وإرباك
وفي حين تدعي القيادة السعودية أن نشاط حقوق الإنسان نيابة عن الشيعة هو جزء من حملة مدعومة من إيران لزعزعة استقرار السعودية، فإنه يبدو أن الاضطرابات في السعودية قد تعززت بفعل عمليات القمع الوحشية التي تمارسها الشرطة الأمنية في المنطقة أكثر من الأذى الإيراني.
وتقول الصحيفة إنه إذا كان ولي العهد السعودي يريد في المستقبل أن يكون حاكما شاملا وأن يسعى لتحديث المجتمع دون إبراز الضعف لأعداء السعودية، فإن عليه أن يعدل إستراتيجيته لاستيعاب المبادرة من الأسفل.
فولي العهد يعد بالتوسع العمراني الرقمي في السعودية في القرن الحادي والعشرين، لكنه يبدو أنه يخشى من دور وسائل الإعلام الاجتماعية في تشكل المعارضة وانتشارها.
وهذه التناقضات تربك شركاءه الغربيين، فعندما دعا وزير خارجية كندا مؤخرا إلى الإفراج عن ناشطين مسجونين، طردت السلطات السعودية السفير الكندي من البلاد، إضافة لما تبع الخطوة من تداعيات.
ويبدو أن ولي العهد لا يتسامح بسهولة مع الانتقادات في الداخل أو الخارج، لكنه يتعين عليه عاجلا وليس آجلا أن يعرف أنه لا يستطيع أن ينثر الجدران في الهواء أو يستخدم قوانين الأمن الوطني ضد ناشطي حقوق الإنسان، وأن يسعى في الوقت نفسه إلى طلب دعم عالمي نحو مجتمع سعودي منفتح.
فالقيادة القوية تعني الاستماع والحوار مع أولئك الذين يريدون تغيير السعودية نحو الأفضل.