[ منظمات عديدة كشفت عن حالات تعذيب واسعة تمارسها أجهزة الامن الاماراتية ]
أعادت التسجيلات المسربة من داخل سجون الإمارات ملف الانتهاكات التي تتعرض لها المعتقلات للواجهة، إذ استمع حقوقيون وناشطون بريطانيون في ندوة خاصة عقدت مساء أمس الأربعاء بلندن لشهادات من معتقلات إماراتيات وأجنبيات، روين ما قاسينه من أصناف التعذيب النفسي والجسدي داخل سجون أبو ظبي، داعين إلى إجراء تحقيق دولي شامل في ملف الانتهاكات في سجون الإمارات.
وقال المحامي الدولي رودني ديكسون إنه من المهم النظر للوقائع لإظهار خطورة ما يجري في سجون الإمارات، وتبين إلى أي مدى تستعمل القوة في إخضاع المعارضين هناك، وكيف تختار الحكومة الفئات الأضعف كالنساء لاستعراض عضلاتها عليهن، مؤكدا ضرورة العمل قانونيا لوقف ذلك باستخدام الأدوات القانونية المتاحة.
وعرضت الباحثة بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا خانا فيليبس جانبا مما تتعرض له المعتقلات في سجون دولة الإمارات، مبينة أن هناك سوء استخدام لقانون مكافحة الإرهاب، إذ ألقي القبض على الناشطات بتهمة تهديد الأمن القومي، مشيرة إلى أنه من الواضح أن هناك غيابا لحرية التعبير خاصة على الإنترنت، فنسبة 70% من الاتهامات للمعتقلين تتركز حول موضوع حق التعبير.
وبين التقرير الحقوقي الذي عرضته المنظمة أن النساء المعتقلات أجبرن على توقيع وثائق دون ترجمتها أو فهمها، وذكرت فيليبس أن منظمتها وثقت شهادة أمينة العبدولي الموقوفة في سجن الوثبة في أبو ظبي، التي قالت إنها تعرضت للتعذيب بالماء والضرب، إضافة للتعذيب النفسي والجسدي، وسماع صراخ وألم المسجونات الأخريات، ودعت الباحثة المجتمع الدولي إلى الضغط على الإمارات لوقف هذه الانتهاكات.
غوانتانامو إماراتي
من جهة أخرى، قال الصحفي في الحملة الدولية للحرية بالإمارات جو أوديل إن التقارير تشير إلى أنه يوجد في الإمارات معتقلون سياسيون بشكل أكبر من أي مكان آخر في العالم، ولخص أوديل ما جاء في شهادة لمعتقلة إماراتية وثقت اللجنة تفاصيلها، ومنها أن هناك سوءا للتغذية وانتهاكات في السجون بالجملة.
وقدم أوديل مثالا على ذلك من شهادة المعتقلة بأن الطعام الذي يقدم لهن لا يصلح للحيوانات، فالأرز على سبيل المثال فيه صراصير وفقا لشهادة المعتقلة، كما أن المكيف لا يعمل في الصيف مشيرا إلى زيادة نسبة الانتحار بين المعتقلات، ومدللا على ذلك بتوثيق قفز امرأة مغربية من أربعة طوابق في محاولة للانتحار والخلاص من العذاب، وشبّه الصحفي البريطاني سجن الرزين الإماراتي بسجن غوانتانامو.
وعما يتوجب على القانونيين القيام به إزاء هذه الانتهاكات، قالت سو ويلمان المحامية وخبيرة العقود في مجال حقوق الإنسان بالمحاكم الدولية إنه قبل كل شيء ينبغي توثيق الأدلة بشأن الاعتقالات، وما يجري في السجون السرية الإماراتية.
وقالت ويلمان للجزيرة إنها لم تقتصر في توثيقها لما يجري في الإمارات على الشهادات المكتوبة، بل التقت بنساء ورجال مروا بتجارب الاعتقال هناك، معتبرة أن الإمارات تحولت بشكل مفاجئ من "عاصمة للسعادة إلى مقر للتعذيب والمعاناة".
الخيارات القانونية
وبشأن الخيارات القانونية أمام الضحايا، أوضحت المحامية أنه من حق المعذبات تقديم شكاوى أمام المنظمات الدولية والمقرر الخاص الأممي لمناهضة التعذيب، مؤكدة أن القوانين البريطانية تعتبر التعذيب جريمة ينبغي التحقيق فيها، وأضاف أن الأمر يتطلب شهودا حقيقيين للمثول أمام المحاكم، وإذا توفر ذلك فالقضاء البريطاني سيحقق ويعتقل المتورطين أثناء زيارتهم للمملكة المتحدة.
وأما الخبيرة القانونية هايدي ديجيكستال فأكدت وجود قوانين وقواعد عامة دولية يمكن بواسطتها مقاضاة الإمارات مثل لجنة مناهضة التعذيب وطبقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذلك رغم عدم توقيع أبو ظبي على كل اتفاقيات مناهضة التعذيب.
وعرضت الندوة التسجيل المسرب الكامل للمعتقلة أمينة العبدولي، الذي سجلته بتاريخ 19 مايو/أيار الجاري، وشكت فيه من منعها من مقابلة أولادها، وأنواع من التضييق والتعذيب النفسي والجسدي.
شهادات عبر السكايب
وعرضت سيدتان للحاضرين عبر السكايب تجربتهما في الاعتقال بالإمارات، إذ تعرضت إحداهما وهي من جنسية غير عربية للاعتقال في الإمارات، لكنها طلبت عدم ذكر اسمها خوفا على ذويها.
وقالت إنه ألقي بها في السجن لستة شهور دون السماح لها بمعرفة التهمة، وأضافت أنها وقعت على أوراق رغم أنها لا تفهم العربية وشرحت لهم أنها لا تفهم العربية ورغم ذلك أجبروها على التوقيع، مضيفة أنها ورغم كونها تواجه مشاكل صحية لم يسمح لها برؤية طبيب، ولم يسمح لها بالتواصل مع سفارة بلدها، ما جعل ذويها يعتقدون أنها توفيت.
وأما السيدة الثانية فقالت إنها كانت معتقلة منذ 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي بالإمارات، وإنها تعرضت للإهانة الجنسية والتعذيب النفسي والبدني، ووصفت مكان الاحتجاز بأنه مليء بالأوساخ والصراصير، مع سماعها صوت صراخ عال لمن يتعرضون للتعذيب، كما أن السجون غير مزودة بأي خدمات إنسانية.
وقال مدير المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا محمد جميل للجزيرة نت إن الحقيقة الواضحة التي لا تستطيع السلطات الأمنية الإماراتية إنكارها هي اعتقالها لنساء وتعذيبهن تعذيبا وحشيا، مبينا أنه لولا شجاعة سجينات كأمينة العبدولي وعلياء عبد النور اللواتي أطلقن صرخات استغاثة من خلف القضبان لما عرف العالم أن هناك نساء معتقلات بالإمارات.
وذكرت المنظمة أن الحكومة البريطانية ومنذ ست سنوات لديها تقارير تكشف أن مئات البريطانيات يعتقلن سنويا في الإمارات ويتعرضن للتعذيب والمحاكمات الظالمة، ودعت الحكومة البريطانية إلى الكف عما أسمته النفاق، والعمل على إعلاء القيم على المصالح المادية.