قال وزير السياحة السوداني، محمد أبو زيد مصطفى، إن الشراكة بين بلاده وتركيا في جزيرة "سواكن" السودانية (شرق) تتلخص في برنامج "تنموي استثماري سياحي"، يسعى إلى إقامة مدينة سياحية في المنطقة التاريخية العريقة.
الوزير مضى قائلاً، في مقابلة مع "الأناضول"، إن "الرئيس (السوداني عمر) البشير كلفني إدارة الملف من الجانب السوداني، وأن أعمل مع حكومة ولاية البحر الأحمر، التابعة لها المدينة، على إزالة العوائق التي يمكن أن تعترض هذا المشروع الاستثماري الكبير".
و"سواكن"، هي منطقة موغلة في القدم شهدت عصور البطالسة واليونانيين والمصريين والعثمانيين، حيث عبروها إلى "بلاد بنط" (الصومال).
وتقع "سواكن" على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وتبعد عن العاصمة الخرطوم نحو 560 كيلومتراً، وقرابة 70 كيلومتراً عن مدينة بورتسودان (ميناء السودان الرئيس حالياً)،
وتم استخدام الجزيرة كميناء للحجاج من جميع أنحاء إفريقيا عدة قرون.
و"سواكن"، هي جزيرة مرجانية، وقد انهارت منازلها وعمرانها، وتحولت إلى أطلال تشهد على التاريخ. أما "سواكن" المدينة، فهي منطقة واسعة يدخلها لسان بحري، يجعل منها ميناء طبيعياً.
عرض المشروع على حاكم الشارقة
وضمن جولة إفريقية، زار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، السودان، الشهر الماضي، على رأس وفد ضخم، وشهد توقيع 21 اتفاقية في مجالات مختلفة، كما اتفق مع نظيره السوداني على شراكة استثمارية بـ"سواكن".
ولم يكن مشروع إعادة إعمار "سواكن" وليد اللحظة؛ إذ قال وزير السياحة السوداني: "منذ سنواتّ ونحن نسوق مشروع المدينة السياحية في منطقة سواكن، التي تعد بكاملها منطقة
تاريخية أثرية".
وتابع: "عرضنا المشروع على العديد من الدول وجهات استثمارية الخاصة؛ لما يمكن أن يدره من عائد، كمورد اقتصادي كبير للبلاد".
ونفى مصطفى ما تردد عن أن أنقرة عرضت على الخرطوم من قبلُ مشروعاً بشأن "سواكن"، قائلاً: "لم يحدث هذا، رغم أنني اتصلت بالسفير التركي في الخرطوم (جمال الدين أيدن)، وقابلته مراراً في مشروعات تخص التعاون السياحي بين البلدين".
وكشف عن أن "الخرطوم عرضت، قبل سنوات، مشروع إقامة المدينة السياحية في (سواكن) على حاكم إمارة الشارقة (بدولة الإمارات العربية المتحدة)، سلطان بن محمد القاسمي؛ لما هو معروف عنه من ولع بالثقافة والتراث.. وبالفعل، اهتم بهذا الشأن، وأجْرت إمارة الشارقة بحوثاً ودراسات جدوى، لكن دون تقدُّم بعدها".
وتعليقاً على توقيع أنقرة مع الخرطوم اتفاقاً لإعادة تأهيل ميناء جزيرة "سواكن"، تحدثت صحيفة سعودية مؤخراً عما قالت إنها "أطماع تركية" في المنطقة.
وهو ما اعتبرته السفارة السودانية في الرياض "إساءة واضحة إلى السودان ولسيادته ولحقه الطبيعي في إنشاء علاقات مع مختلف دول العالم"، "دون مساس بالأمن الوطني العربي".
زيارة أردوغان
وسبق الوجودَ التركي غير الرسمي في "سواكن"، زيارةُ الرئيس أردوغان الجزيرة، في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي. فوفق وزير السياحة السوداني، "لدينا منذ سنوات تعاون مستمر مع الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا)، التي تعمل بطلب منا على ترميم مبانٍ أثرية في الجزيرة".
وأردف أن "الوكالة التركية رمَّمت مباني الجمارك والمسجد الحنفي والمسجد الشافعي الأثرية، وترمم حالياً المبني الإداري في (سواكن)، الذي كانت تشرف منه السلطنة العثمانية على منطقة القرن الإفريقي".
وأكد مصطفى أن "الرئيس أردوغان قدَّم طلبه لاستثمار المنطقة سياحياً بعد جولته فيها ومعاينته عمليات الترميم التي قامت بها الوكالة التركية.. الحكومة السودانية أخضعت الأمر للدراسة، وردَّت على الرئيس التركي بالموافقة خلال وداعه في مطار الخرطوم".
وأوضح: "كنت قريباً من الرئيس أردوغان خلال جولته في (سواكن)، بحكم تبعية المنطقة لوزارتي.. عندما كنا نقف في صحن المسجد الحنفي طلب الرئيس أردوغان من الرئيس البشير استثمار المنطقة سياحياً".
وتعهد الرئيس التركي بإعادة بناء الجزيرة التاريخية، ووجه الرئيس البشير بتكوين لجنة لمناقشة وضع الجزيرة مع أصحاب المنازل، وشراء الأرض منهم، وتعويضهم من جانب الحكومة الاتحادية.
ووفق باحثين سودانيين، فإن جزيرة "سواكن" واحدة من المراكز الرئيسية في التاريخ الإسلامي، وإن إعادة إحياء سمعتها التاريخية ليس مسألة مهمة بالنسبة للسودان فقط؛ بل لكل إفريقيا والعالم الإسلامي.
وتابع مصطفى أن الرئيس التركي "لم يزد على ذلك، غير وعده بمساهمة تركيا في ترميم منارة (فنار) سنجنيب بالبحر الأحمر، والتي تعود إلى العصر العثماني".
وتم بناء المنارة عام 1898، لتحديد الشُّعب المرجانية المنتشرة في المنطقة؛ كي تتجنبها السفن الكبيرة، وهي تقع على جزيرة سنجنيب، على بُعد 13 ميلاً بحرياً من مدينة
بورتسودان، ويبلغ طول الجزيرة 6 كيلومترات، وعرضها كيلومتران، وهي من المحميات البحرية الطبيعية.
وبجانب مشروع المدينة السياحية في "سواكن"، "تم توقيع برنامج تنفيذي بآجال محددة مع وزارة الثقافة والسياحة التركية، يشمل 8 بنود تتعلق بكل ضروب السياحة، مثل الترويج والإرشاد وتبادل الخبراء والبحوث والدراسات"، بحسب وزير السياحة السوداني.