قرار الأمم المتحدة الأحدث، الذي يأمر إسرائيل بالانسحاب من الضفة الغربية، عارضته أميركا.
جاء القرار استئناساً برأي استشاري قدمته محكمة العدل الدولية. محكمة العدل الدولية بنت رأيها بعد الاستماع لملاحظات قدمتها حوالي 50 دولة في العالم.
تعارض أميركا أي تشريع دولي يتعارض مع ما جاء في العهد القديم. فعلت ذلك 53 مرة بين 1970-2020.
من يقرأ الأعمال المهمة ك "النبوءة والسياسة" و"أميركا في العهد الإنجيلي" يدرك كيف تمكنت الكنيسة من عتبات تلك الدولة.
شاهد العالم رئيس لجنة شكلها الكونغرس وهو ينهر رئيسة جامعة كولومبيا قائلا: كيف تسمحين بمعاداة إسرائيل في حرم الجامعة؟ ألم تعلمي أن الرب يقول سأعادي من يعادي إسرائيل وأحب من يحبها؟ أتريدين من الرب أن يسخط جامعة كولومبيا؟
هذا الهراء التوراتي لم يصدر عن فرد، بل رئيس لجنة شكلتها أعلى سلطة تشريعية في البلاد.
ينسحب الأمر على مجمل العالم الكنسي الذي هذر كثيراً عن علمانية مؤسساته وسياساته. ما يدعيه العالم الكولونيالي الأبيض عن علمانيته ترده الحقائق. كان أراكون، في أطروحته للدكتوراه نهاية ستينيات القرن الماضي، قد جادل بأن ما حدث هو إعادة توزيع المجالات بين الدولة والكنيسة وليس فصلهما عن بعضهما. توزيع أفقي يجعل عمل الكيانين تكاملياً. فالكنيسة لن تهندس الجيش بل ستتركه للأكاديميا العسكرية. ولكنها ستنشط في الاقتصاد (تتجاوز ثروة الكنيسة في قطاع الطب، ألمانيا، ال 300 مليار يورو، وتملك ما يداني خمس المؤسسات الطبية في البلاد. وهذا مجرد مثال).
وعندما تجلس للاستماع لعالم سياسي مرموق مثل نييل فيرغسون (بريطاني- أميركي) فسوف يحدثك عن إلحاده، متفاخراً بما أوصلته إليه فلسفته. وحين يقف ليرد على أسئلة الحاضرين فإن صوته يعلو مجددا ويقول: لا مكان لدولة فلسطينية، انتهى الأمر. تلك بلاد اليهود، منحهم إياه الرب منذ آلاف السنين، اقرؤوا العهد القديم.
قلت: اقرأ مزيداً عن الرجل. وجدته يكتب عن نفسه: أنا أرسل أبنائي إلى الكنيسة، فلا توجد مؤسسة قادرة على تعليم الأخلاق كالكنيسة.
أتاحت لنا السماوات المفتوحة رؤية الأشياء على حقيقته. هناك القليل جدا من الديموقراطية داخل الديموقراطية. من العلمانية في العلمانية. والقليل المنعدم من الإلحاد في الإلحاد. أما المجتمع الدولي فليس أكثر من منصة يجلس عليها المستعمرون القدامى ليتدبروا مصالحهم في العالم اللجي.
ومما دفعني لأمدد ساقي مؤخرا هو لقاء مع ريتشارد دوكنز، أبرز ملحد في عالم اليوم. حذر في اللقاء من الإسلام المتنامي في أوروبا. قال إنه درس الإسلام ووجده كتابا للعنف والكبت. وما الذي ينبغي على أوروبا أن تفعله؟ اجاب: لتتشبث بقيمها المسيحية، فأنا شخصياً -قال- مسيحي ثقافي. وكال المدائح للمسيحية.
نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك.