إن الوحدة اليمنية هي المنجز الفريد الذي حققه اليمنيون في زمن البؤس الاسلامي والعربي، وفي زمن التراجع الشامل على مختلف المستويات الحضارية والإستراتيجية، وزمن النكوص عن عوامل النهوض والتفوق في ميدان الحياة الواسع.
تلك الجوهرة الغالية ذات النٌفَاسة والقيمة التي لا يمكن التخلي عنها أو مصادمتها، مهما باسمها ساء فعل القائمين عليها، فالفعل السيئ يلتصق بفاعله ويذهب معه، وتبقى القيمة ذاتها صافية ناصعة لا يخدش جمالها خادش.
إن الوحدة قيمة حضارية مرغوبة ومحببة للنفوس السوية، والعقول الواعية، وهي من بنات الفطرة السوية، والتصادم معها ومغالبتها تصادم مع الفطرة البشرية ومغالبة لها، والتصادم مع الفطرة البشرية هو تصادم مع أصل كل القناعات ومنبع كل التوافقات في حياة الانسان.
والشعب اليمني يعترف بالفضل لكل من سعى واجتهد لتحقيق هذا المنجز الكبير، مهما كانت دوافعه ومبتغياته _فما في الصدور يعلمها علام الغيوب_ والمعاصر للأحداث من بعد العام 1997م يعلم أن هناك اخطاء وسلوكيات وتصرفات قلبت مزاج البعض نحو هذا المنجز التأريخي، والمشكلة أن هذا المزاج لم ينقلب على المرتكبين للأخطاء الذين اعتلوا صهوة الوحدة، بقدر ما نقلب على القيمة ذاتها، التي لا يمكن أن تكون شرا ابدا، بل فيها من الطهر والجمال والصفاء والنقاء ما لم يغطه فعل فاعل اسودت نفسه وخبث طبعه وساءت نواياه.
إن الاجتماع والوحدة مع الألفة لم تكن يوما من الأيام في أي زمان وأي مكان مصدر سوء وشر، لا في ذاتها ولا في نتائجها وآثارها، لأنها ذات عمق في الوجدان والضمير الانساني، متجاوبة ومتفاعلة مع الفطرة السليمة، ناهيك عن الفطر اليمنية المسلمة لربها والمؤمنة به.
أن الوحدة هي البديل الأضمن الأمثل والطبيعي للنزاعات والصراعات التي تفت عضد المجتمع، والتي تنشأ فيه على هويات وأسس شتى، منها الطائفية والمذهبية والأسرية والمناطقية وغيرها.
ولقد ابتلي وطننا الحبيب بطائفة سلالية عنصرية تتحكم بجزء كبير من محافظاتنا الشمالية ، تؤمن بالكهنوت وتكرس الانقسام ، وتعمق الصراعات في المجتمع بالأفعال والأفكار وبإصرار مقيت وبصورة ممنهجة ، هذه الفئة أو الطائفة ادخلث اليمنيين في سنوات عجاف افسدت عليهم كل صالح ، وشوهت كل جميل ، وبطائفة اخرى ذات نفس مناطقي جهوي ، وهذه الطائفة تُحكم قبضتها على بعض المحافظات الجنوبية ، وتكرس فيها نوعا من الانقسام بالأقوال احيانا واحيانا اخرى بالأفعال.
ولن يضر الوحدة فاسد معلول الفكر والضمير ، وستبقى الوحدة اليمنية راسخة قوية متجذرة في نفوس اليمنيين جيلا خلف جيل ، رغم كل الاعيب ومكر واغراءات شياطين الجن والإنس(....وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض....)
*من صفحة الكاتب على فيسبوك