في الماضي كانت الأرض هي المصدر الوحيد للإنتاج. كان الملاك يوظفون العبيد والفلاحين الأقل شأنا في المجتمع، للعمل في الأرض لزراعة البصل والسمسم. وفجأة ظهرت فكرة التبادل التجاري عبر البحر. وبدأ النبلاء( أصحاب المال والسلطة بالتعبير الأوروبي). بتجارة السيوف والفولاذ والصوف. ومبادلتها بسلع أخرى في دول أخرى. وامتلكوا أمولا طائلة.
فقدت الأرض والمحاصيل التي تزرع فيها كالبصل والبذور قيمتها السوقية. هنا، أحس ملاكها بالخطر. وفقدوا السيطرة على التُجار. فقرروا الانضمام إليهم. استبدلوا المحاصيل القابلة للتلف والتي ليس لها سوق عالمي، بتحويش أراضيهم وطرد ما يقارب الـ 70٪ من العبيد الفلاحين الذين يعملون بأراضيهم. واستبدلوهم بالخراف لصناعة وتوريد الصوف.
تشرد الفلاحون، وفقدوا قيمتهم السوقية، وتشردوا في الدروب. وكانت عملية مدمرة ووحشية وقاسية وشديدة الفعالية.
وأصبحوا يعرضون قوة عملهم، بأبخس الأثمان من أجل البقاء. وهنا حدث لأول مرة أن تم تسليع كدحهم.. فحل المرض والبؤس والجوع والشقاء في أزمنة السلم.
بعد ذلك حلت في العقارات. ففكر ملاك الأرض، بتأجيرها، إذ كان سعر ذلك أعلى من تربية الخراف والاشراف عليها. فعاد الفلاحين المسرحين لاستئجار تلك الأرضي. وكانت تقلبات الأسعار تخوفهم من الالتزام بتسديد الايجارات وبقية الالتزامات.
عملية التسريح والطرد واستبدال وسائل التجارة، والبحث عن الأربح بالأقل كلفة مستمرة حتى يومنا هذا. فقد شاهدنا عدة شركات، كجوجل وفيسبوك وتويتر وغيرها، قامت بتسريح آلاف من موظفيها. واستبدالهم بتقنيات تكنولوجية مطورة. ما قد ينتج عن هذا؛ أن تحل الكوارث نفسها التي حلت بالفلاحين قديماً. الماديون والرأسماليون لا يضعون للإنسان أي اعتبار. كل ما يفكرون به، هو كيف يربحون أكثر بأقل التكاليف.
___
استعنتُ بكتاب" الاقتصاد كما أشرحه لابنتي" للمؤلف يانيس فاروفاكيس.