لا تتسرع وتتفاعل مع كل ما يُنشَر عن اليمن محلياً وإقليمياً أو دولياً في المواقع والصحف أو في صفحات الفيس وتويتر.
تريث وانتظر حتى تتضح الحقيقة أو تجلى عنها الشوائب والأكاذيب والاشاعات.
لا ثق بمصدر أيا كان؛ قنوات أخبار، وكالات دولية، وثائقيات، نشرات دروية حتى المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والجمعيات المهنية وأنصار البيئة والنسويات. الجميع بلا استثناء سقط في "مقلب" التزوير والاعتماد على مصادر كاذبة ووقع ضحية التضليل واعتماد مخبرين غير نزيهين أو استخف بالامر ولم يبال بالحقيقة او دفعته نوازعه الشخصية الطائفية أو الجهوية أو المهنية أو انتمائاته ما دون الانسانية إلى التضليل والكذب.
هذا لا يقتصر على اليمن. بل في العالم بأسره. بركسيت قام على معلومات مضللة. وخرجت بريطانيا من الاتحاد الاوروبي لمجرد استخدام معلومات وارقام كاذبة في الدعاية والتعبئة.
...
كل معلومة ينبغي أن تتأكد منها بتعدد المصادر وتزنها في عقلك وتقيسها بمعلومات سابقة أو نتائج من الماضي.
لا توجد قائمة بيضاء وقائمة "سوداء" كل القوائم محبّرة ورمادية.
لقد سقط الكبار. سقط المعلمون، وسقطت النماذج. تضاءلوا بسبب الحقد والضغينة وانخراطهم في صراعات قاتلة بلا أدنى حصافة أو حكمة.
هاكم نقل أخبار الاحتجاجات في إيران.
سقطت الحقيقة، لم تعد نسبية فحسب بل صارت مشوشة طالما لا توجد مراكز احصاء ولا مراكز رصد ولا مراكز دراسات متخففة من حسابات المال والتمويل أو الرهانات الجيوبولتيكية.
...
النجاة من هذا الغبش جهد كبير يتجاوز قدرة الفرد العادي ويتطلب طواقم مؤهلة ولديها امكانيات فرز الحقيقة من الكذب، واخراج الداعائي من المعلومة.
كل خبر أو تعليق أو تحليل تجد فيه الكثير من الصفات والنعوت المبالغة والمتحمسة والمفرطة مدحاً أو ذماً تعامل معه باحتراز شديد وأنق منه الذاتي والمغرض من الموضوعي والعلمي.
الذي يعطيك خبراً ويقسم لك ايمانا مغلظة لا يفعل ذلك إلا لتغليف كذبته وتمريرها عليك واستغفال عقلك. وكلما افرط المتحدث في تزكية نفسه، كان أقرب إلى الشك والارتياب منه.
في هكذا عبثية، حاولت ترويض نفسي مع الأيام في ظل سنوات من الكذب الصراح والكذب المضاد. ومن الإشاعة المغرضة والحقد والسفاهة والتبذير في بث الشكوك. مع هذا فأنا لا انجو ولم انج من السقطات والشراك.
وأن تكون باحثاً أو كاتباً في بيئة كهذه فأنت أمام خيارين. إما التخلي عن البحث لأنك لا تجد غير الاشاعات لتشتغل عليها. أو التأني والحذر وعدم الثقة بالمصادر وبالمعطيات والمعلومات. بالتالي، تعطيل حواس الفضول لديك والاقتراب من الحذر المعطّل.
تتأخر في الحديث وتفقد الاصدقاء وترتاب من الجميع. هذه بيئة نفسية مرضية وليست صحية. لا لباحث ولا لموطن.
هذا الشك المبثوث بسخاء في كل مكان، الحقائق البديلة التي تقدَّم بأفضل حلية ينتج فقدان ثقة متبادل. هذا الجحيم المعلوماتي الذي توظف لإجله الكوادر وتصرف عليه مبالغ طائلة هو مرض عضال.
كم جهد الفرد العادي في مقاومة كل هذا السيل، وهذه الرغوة الطافية!
إليكم اخر اشاعة منسوبة إلى صحيفة فرنسية تنشرها صحيفة محلية مغمورة وتكتبها بلغة خير صحفية عن أثرى طفل في العالم وتقصد به ابن رئيس الوزارء اليمني معين عبد الملك, لم اجد للخبر أثر في الصحف الفرنسية.
هذا العمل الصجفي بهتانا يغتال الحقيقة ويسمم عقول اليمنيين. غدا ستكون لدينا اخبارا حقيقية تستحق الاهتمام لكن الذهن لن يتقبلها وسيفضّل التعامل مع الأكاذيب التي تمرن عليها عقله وقبل بها.