يرمقنا سبتمبر من بعيد ويستصغرنا نحن جيل ما بعد الثورة الذين ضيعنا دماء الثوار الأحرار الذين ثاروا على أعظم وأطول كهنوت في التاريخ ، فهو شاهد على ثورة سبتمبر ومبادئها وشاهد أيضا على اغتيال أهدافها العظيمة .
يوبخنا هذا الشهر الثائر ويتساءل بحرقة وألم : ما فائدة أن تتذكروا الثورة وأنتم لستم ثوار ؟ ما فائدة الذاكرة التي لا تصنع ولا تستقرئ ؟
فالثورة ليست ألبوما للصور يفتح في مناسبات ، ثم يهمل إلى مناسبة أخرى قد تأتي وقد لا تأتي .
ليس المطلوب منا أن نترك الأحداث تتدافع ونحن نراقب النتيجة ، بل المطلوب منا أن نقوم بما يمنع تواصل الانتكاسة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، منطق الأشياء يقول لا يمكن أن يحمي الثورة من وقف ضدها ، فلماذا سلمتم ثورتكم لأمريكا والسعودية وإيران وجميع هؤلاء كانوا في خندق واحد يقاتلون ضد قيامها ؟
نحن مصابون بمرض الذاكرة ونحتاج إلى إنعاشها وسط الضباط الأحرار والسياسيين والحقوقيين والجامعيين ، فهؤلاء جميعا يتذكرون خلافات الأمس القريب وتناسون عدو الأمس البعيد المضرج بجرائم الرجعية ، فسلموا زمام ثورتهم وجمهوريتهم وارتموا جميعا في أحضان الرجعية .
لا أستطيع أن أكتم دهشتي وأنا أرى تواطؤ بعض من المؤتمريين مع الإماميين وبعض من الإصلاحيين مع الملكية السعودية وبعض من أحفاد ثورة اكتوبر مع الاحتلال الإسرائيلي بأدوات إماراتية وتواطؤ بعض من الإعلاميين والسياسيين والحزبيين مع هؤلاء جميعا ولا أكتم دهشتي وأنا أرى الأمميين والقوميين وقد أصبحوا قرويين يقفون في وجه الوحدة الوطنية .
الإماميون في اليمن موجودون ومعروفون بأسمائهم ووظائفهم فضلا عن تصريحاتهم التي تنتقص من اليمنيين وتدعو إلى استعبادهم سواء كانوا من الفاعلين الأصليين ، أو الشركاء المحرضين ، وأتباع الرجعية السعودية الإماراتية معروفون حتى وإن أطلقوا على أنفسهم مسميات جمهورية ، لأنه لا تلتقي الجمهورية والملكية ، فالأمر لا يحتاج إلى تبسيط الذاكرة ، بل يحتاج إلى احترام من قدموا أرواحهم لنعيش نحن وعلينا أن نكون أوفياء لهم طالما بقي في الجسم قلب ينبض .
اجعلوا سبتمبر شاهدا لكم ، لا شاهدا عليكم وابتعدوا عن الحيل التي لا تزيدكم إلا وضاعة وخساسة وواجهوا أخطاءكم ولا تتعاملوا مع الأخطاء بانتقائية وابتعدوا عن كل ماهو تافه وسطحي وساقط وغير مفيد ولا تضخموا التفاصيل التي تعني خصومكم وتقللون من تفاصيل أخطائكم لأن الاستمرا بهذا الطريق سيجعل الأجيال غير قادرة على معرفة الصح من الخطأ ولن تكون مستعدة للتضحية من أجل الحقوق ، بل ستضخم من الأخطاء التي تعني خصمها وهذا ما لمسناه من طرفي 2011 و 2014 ، الذين مارسوا الخطيئة على أنفسهم وتركوا خصمهم وخصم مستقبلهم الحقيقي يعبث بهم .