تنطلق السعودية في سلوكها تجاه اليمن من منطلق خوفها من وجود دولة قوية ، لذلك توجه كل طاقاتها لتدمير هذه الدولة، وهي بذلك لا تقدر العواقب الوخيمة من وجود دولة ضعيفة وفاشلة في اليمن ، فالقاعدة الأساسية هي ، أن ضعف الدولة اليمنية يؤدي إلى ضعف الدولة السعودية وقوة الدولة في اليمن يؤدي إلى قوة الدولة السعودية.
ولكن قصر النظر لدى النظام السعودي وارتكازه على أسطورة وصية الجد المؤسس ، التي تقول ، خيركم من اليمن وشركم من اليمن ، يجب قراءتها من منطلق أن قوة اليمن خير للسعودية وضعفها شر للسعودية .
من منطلق القراءة الخاطئة ومن زاوية أن اليمن شر مطلق ، ساهمت السعودية في إضعاف الدولة اليمنية ودعمت القوى المعادية لها ، وخلال الفترة الماضية حاولت أن تعمق التصور لدى الآخرين بأن الشرعية فاشلة ، فتجاوبت مع الإمارات في دعم القوى الانقلابية التي تتقاطع مصالحها مع الحوثيين وتشترك معهم في معاداة الشرعية.
لقد أثبتت مجريات الأحداث في اليمن عجز اللجنة الخاصة والسفارة السعودية في اليمن وأجهزة الاستخبارات عجزها عن إدارة الملف اليمني بصورة تخدم أمن واستقرار البلدين ، وفشل خالد بن سلمان في توحيد هذه الجهات المتعددة التي تتعامل مع اليمن بشكل انفرادي وغير موحد ، وهذا يدل على قصور الرؤية الاستراتيجية والسياسية لدى الأمير خالد .
وإذا استمرت السعودية تمارس نفس السلوك ونفس الرؤية ، فإنها ستمكن خصومها منها وبكل سهولة ، فرأسها مطلوب من قبل الأمريكان وخاصة الرئيس الأمريكي بايدن الذي يناصب العداء بشكل واضح لولي العهد محمد بن سلمان وكذلك مطلوب من قبل الإمارات التي ترى أحقيتها في قيادة المنطقة بعد أن تراجعت الدول الكبيرة عن دورها ومطلوب لإيران التي ترى أحقيتها بالأماكن المقدسة ، وإذا أرادت أن تتجاوز هذا الاستهداف فعليها أن تقوي الشرعية اليمنية وتقوي التعددية السياسية ، لأن التعددية السياسية في اليمن ليست أخطر من عصابة الحوثي الإرهابية وعليها أن تقوي النظام الجمهوري ، لأنه ليس أخطر من الإمامة المتحالفة مع ملالي طهران .