عندما تشكلت المقاومة، في بادي الأمر.. انخرط فيها جميع فئات الشعب اليمني، في جبهات اليمن المختلفة( مدرسين، سلفيين، طلبة، عمال، فلاحيين، مواطنيين عاديين، جامعيين، وموظفين فقدوا كل شيء...).. المدرسين، الذين يلمزونهم اليوم، كأنهم شتيمة للجيش، كانوا أحد تلك الفئات التي هبت مع خبزها وبندقيتها ورصاصاتها، إلى الميدان، ووقفت بوجه الحوثي، في حين كان "المهاتيع" أو أغلبهم قد قَبَلوا أقدام السيد، وصاروا زنابيل أذلاء. وباقيهم عادوا إلى ديارهم.. وحتى اليوم، لا يزال تشكيل كل القوات العسكرية، في كل جبهات اليمن، شمالها وجنوبها، قيادةً وأفراد، من كل ذلك التنوع اليمني الهائل. وما حرس، ولا يزال ما تبقى من هذا الوطن، ويموت في سبيل الذودِ عنه، باليوم ألف مرة؛ إلا أناس، من عامة الشعب، لم يعرفوا أسماء الكليات العسكرية، ولا حتى: (استعد.. استرح)!
أعرف شاب، عشريني. أكبر شهائده ثانوية عامة. انخرط في الجبهات المقاومة للحوثي، ثم غدى، بشجاعته وذكاءه وقيادته، بطلاً أسطورياً حقيقياً. في إحدى جبهات الجمهورية. ذات مرة سيطر على منطقة عسكرية كاملة بليلةٍ واحدة. وعندما سأل عميد سعودي عنه: خريج أي بلد غربي؟، يحتمل روسيا يا الربع!... أضاف عقيد آخر: " وأشك أنه في أكاديمية تفكيك الجيوش" وعندما جاءهم الرد من الضابط اليمني:
أنه شاب، يمشي بلا أحذية، قادم من قرية في جبال تعز.. حينها قرروا اعتزال الحرب، ومغادرة الجبهة والعودة للعمل في المكاتب الإدارية بمقر قيادة الحرس الوطني بالرياض.
فالمسألة ليست بالتأهيل الأكاديمي العسكري، بل بتأهيل القلوب، على الشجاعة والإقدام، والإيمان بالقضية، والبسالة في التضحية في سبيلها. وتلك التشكليةُ الحرة والوطنية، التي شكلت نفسها استشعاراً بالمسؤولية. بيد رئاسة المجلس القيادي، وهو وحده من يحق له هيكلتها بالطرق المؤسسية العادلة والمنصفة. لا المهاتيع، والذين سنصتون للمنطق الأهتع: بلوا أحاديثكم واشربوا ماءها.