في ليلة السادس والعشرين من مارس جاءت السعودية على رأس تحالف أسمته التحالف العربي لتحرير اليمن من الحوثيين ، قصفت كل شيء في اليمن البشر والشجر والحجر ، الأسواق وصالات الأفراح والعزاء ، إلا الحوثي لم تمسه بشيء ، حاصرت اليمنيين ومنعتهم من السفر ، عدا الحوثي ظل يسافر عبر مطار صنعاء بطيران الأمم المتحدة والطيران العماني ومنعت المواد الغذائية والمشتقات النفطية على اليمنيين وسلمتها للحوثيين لكي يذلوا بها اليمنيين ، وبعد كل هذا الدمار والخراب والدماء شكلت مجلس رئاسي مهمته الاساسية هي ، إستجداء الحوثي والتوسل إليه أن يفتح لنا الطريق كي نعود إلى بيوتنا .
ظل الإعلام السعودي يكذب علينا ويسوق لنا انتصارات كاذبة ، فقد طالعتنا صحيفة الرياض بتاريخ 15 سبتمبر 2018، أن مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفث التقى وفدا من المتمردين الحوثيين في محاولة لإعادة إحياء محادثات السلام في ظل الهزائم المتواصلة خلال المعارك ، واكتشفنا مع مرور الوقت أن السعودية تهزمنا وتهزم نفسها وتقوي الحوثيين وتمكنهم من اليمن .
ولست بحاجة إلى القول إن الأوطان تتحرر وتستعيد سيادتها بالقوة وليس بالاستجداء والتسول ، وأن الحوثيين لن يفهموا السلام حتى لو حقنت عقولهم بالسلام حقنا ، ولهذا فهم لن يتجاوبوا معه ، لأنهم لا يفهمون إلا لغة واحدة هي تلك التي تهدد أمنهم ومصالحهم ورخاءهم واستقرارهم على وجه الخصوص ، أما لغة الاستجداء والتسول والاستعطاف فلن تزيدهم إلا غطرسة وكل تنازل من قبل التحالف والشرعية تصوره هذه العصابة بأنه تمكين من الله .
دعوني أذكركم بأن جميع المبعوثين الأممين ألتقوا قيادات هذه العصابة مئات المرات والسفراء الأوربيون كذلك ، فهل انتزعوا منهم مطلبا واحدا أو أزالوا حاجزا أو فتحوا طريقا ؟ كل ما فعلوه هو تقديم التنازلات تلو التنازلات للحوثيين ، فلم نعد نعلم من هو الانقلابي ومن هو الشرعي ، ولا من هو المعني بالقرار 2216، هل هي عصابة الحوثي ، أم هو الشعب اليمني ؟
لم يكن المواطن اليمني يتصور أنه سيأتي فجر يوم عليه وهو يشاهد شرعيته تخاطب عدوه وعدو الإنسانية بهذه الطريقة الساذجة ولكن في ظل وجود تحالف على رأسه السعودية والإمارات كل شيء جائز وربما تحمل لنا الأيام القادمة مفاجآت أكثر غرابة واستفزازا ، خاصة بعد سنوات الذل والضياع التي دفع ثمنها شعبنا دما وحصارا وكانت النتيجة صفرا كبيرا .
من يراقب العملية التفاوضية بين الشرعية وعصابة الحوثي الإرهابية ، يلحظ مدى التهالك والإلحاح الذي يبديه جانب الشرعية والتمسك بخيار السلام المزعوم مع عصابة لا تؤمن أصلا بالسلام ولن تفهم معنى السلام ، حتى لو تم حقنها به ، وإذا لم تحارب الشرعية من أجل حقوق اليمنيين ، فستنقل هذه العصابة الحرب إلى ما تبقى من اليمن وستجلس الشرعية في المدرجات للفرجة على استباحة اليمنيين .
علينا أن نصارح أنفسنا كي نقدم العلاج الناجع لمشكلتنا ، التحالف عمل بكل قوته على تدمير قوة الشرعية وجعلها تقف عارية تستجدي السلام من الانقلابيين شمالا وجنوبا ، ومما يثير السخرية أن السعودية والإمارات أوصلتا الشرعية إلى أن حل الصراع داخلها بات مقدمة ضرورية لحل الصراع مع الحوثي ، والسؤال ، لماذا كانت السعودية والإمارات تعتبران السلام مع الحوثي أيام الرئيس السابق صالح جريمة وأصبح بعد مقتله ضرورة ومصلحة ، سؤال جوهري لن تجيب عنه السعودية والإمارات وليس المطلوب أن تجيبا عنه ، بل المطلوب من بعض فاقدي الهوية من اليمنيين المهوسين بالمال السعودي الإماراتي أن يفهموا أو يرتقوا ويستعملوا عقولهم ولو لمرة واحدة وبعدها يعودون لأهوائهم كما يحلوا لهم .