دفعني إلى كتابة هذا المقال وإثارة هذا السؤال ما يثار في هذه الأيام من تصريحات سواء من قبل مسؤولين سعوديين أو ما تروج له وسائل إعلامية، أستطيع القول إن حقيقة ضم اليمن إلى المجلس هو أشبه بمطار مأرب الذي أعلن عنه محمد العرب والذي بشر اليمنيين بأن ذلك المطار سيستوعب عمالة تقدر بمليون يمني.
دعونا أولا نرى ما هي مصلحة كل من اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي في التكامل بينهما، فاليمن بموقعها الجغرافي تشكل ميزة اقتصادية وأمنية بالنسبة لدول المجلس التي ستوفر لها اليمن حضورا في ثلاثة بحار ومضيقين مهمين يمر عبرهما ثلث الطاقة العالمية وهي جسر إلى أفريقيا وآسيا ومركزا مهما على طريق الحرير ، إضافة إلى الحماية الأمنية من الاختراق الإيراني ومن الإرهاب ، أما اليمن فسيساعدها ذلك في الاستقرار الأمني والاقتصادي .
ومع حجم المكاسب التي ستجنيها دول الخليج إلا أنها لن تقبل باليمن في ناديها لأسباب عدة ، أهمها: أن دول الخليج منقسمة على نفسها داخل المجلس وغير موحدة القرار، وثانيا أن دول المجلس غير راضية على النظام الجمهوري والتعددية السياسية في اليمن، وثالثا أن هذه الدول ليست موحدة اقتصاديا ولهذا كل دولة تريد تعزيز وضعها الاقتصادي وتحاول ضرب الاقتصاد اليمني وتعطيل موانئ اليمن لإنعاش موانئها وسوقها الاقتصادي .
وما نسمعه بين الحين والآخر من قبل مسؤولين سعوديين هو نوع من دغدغة مشاعر اليمنيين والتغطية على انكسارات تمر بها المملكة بسبب حربها في اليمن ، فقد سمعنا عن ذلك عام 2011 أثناء الربيع العربي ، ثم في عام 2016 بعد أن انتكست عاصفة الحزم ومن بعدها الأمل وسمعنا ذلك أثناء مؤتمر الرياض الأول والثاني ، وكان أهمها تصريح الأمير خالد بن سلمان بعد الانسحاب من الحديدة والتغطية على ما يجري في شبوة وهناك من تحدث عن نقل اليمن إلى أوروبا الجديدة وما تلا ذلك من ترويج إعلامي الهدف منه الاستهتار بعقول اليمنيين .
وكما قلنا فإن انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي يشكل فرصة تاريخية لدول الخليج التي فشلت في احتواء اليمن وظلت تتعامل معها باستعلاء والنظر إليها بأنها دولة فقيرة وأغفلت هذه الدول حجم الفائدة التي ستجنيها من موقع اليمن الاستراتيجي وكذلك من الاستقرار السياسي ، وللأسف أن تنظيم القاعدة فطن إلى هذه الأهمية وتوحد تحت مسمى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب .
منطق المتغيرات يقول إن اليمن ومجلس التعاون الخليجي لابد أن ينظرا في المتغيرات لإعادة تصويب العلاقة بينهما ، لكن الواقع يقول إن السعودية مازالت تنظر إلى النظام الجمهوري والوحدة اليمنية بريبة
وبسبب من ذلك ظلت السعودية تخشى من اليمن ممزقا وزادت خشيتها من اليمن موحدا ، فهي تعتقد أن ظهور اليمن كدولة كبيرة وموحدة يشكل تهديدا لها ، وقد دفعت عام 94 لعلي سالم البيض اثنين مليار دولار للانفصال ، بل إن دول الخليج قدمت في ذلك الوقت دعما ماليا وسياسيا علنيا للانفصاليين ، عدا دولة قطر .
وخلاصة القول ، لا تصدقوا السعودية فيما تروج له من دخول اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي ، لأن ما تمارسه على أرض الواقع يقول غير ذلك ، فهي تقوم باستقطاب بعض القبائل في حضرموت وشبوة لفصلهم عن وطنهم وإلحاقهم بها ، كما أنها تمارس أسوأ أصناف التمييز في حق اليمنيين المستثمرين والعاملين فيها تحت مسمى السعودة ، إضافة إلى ما تمارسه مع الإمارات من حصار اقتصادي والإطالة في الحرب الأهلية وإعاقة الحكومة الوطنية المركزية ، ما يجري على أرض الواقع هو ضم إسرائيل وليس اليمن .