لا توجد مبررات أيديولوجية ولا حتى استراتيجية لتدمير اليمن بتلك الطريقة التي أقدمت عليها السعودية والتي ظهرت نتائجها مؤخرا بتلك الصورة التي رسمتها في الرياض بانسحابها المرتبك وترك اليمن للفوضى التي ستستمر على ما يبدو بصورة أكثر وحشية .
ولكي نكون منصفين ، فإن السعودية لم تكن بمفردها ، فهي ضمن دول الرباعية ، أمريكا وبريطانيا والإمارات ، جميع هذه الدول مارست التدمير الممنهج في اليمن ويتحملون جرئم حرب وجرائم ضد الإنسانية ويسألون عن أكثر من 400 ألف قتيل ومثلهم من الأيتام والأرامل وتشريد أكثر من أربعة ملايين خارج اليمن وداخلها .
اختارت السعودية طريق الإيذاء والعدوان لتقدم اليمن في النهاية هدية ذهبية لإيران والإمارات الممثل الحصري لإسرائيل ، لم يكن انقلاب مليشيا الحوثي على الشرعية اليمنية سوى مفتاح للنكبة المستديمة على اليمنيين ، لم تحتفظ الذاكرة الحربية في العالم بأن إسقاط انقلاب الحوثي على الشرعية اليمنية يقابل بضربات جوية وبحرية لتدمير الجيش اليمني الذي يفترض أنه المعني بمواجهة الانقلابيين .
الجيش اليمني والحزب الحاكم لم يكونا عدوا أيديولوجيا في يوم من الأيام ، لا للمملكة السعودية ولا لأمريكا ، الحوثيون ومن ورائهم إيران أكثر إيحاء بالخصومة من حزب المؤتمر ومع ذلك لم يكن الحوثي ولا إيران هدفا للسعودية أولأمريكا ، فالحوثي وإيران أكثر صراخا برمي إسرائيل في البحر وقتل أمريكا ، لكن اللعبة في الإيحاء بالعداوة كانت متقنة الإخراج ، والسؤال الذي يطرح نفسه : لماذا غزت أمريكا العراق وأفغانستان ودخل حلف الناتو ليبيا ولم تغزو أمريكا إيران وإسقاط نظام ولاية الفقيه ، والجواب ، لأن إيران الأكثر خدمة لتدمير النظام العربي .
انقلاب مليشيا الحوثي على الشرعية كان مبررا تاريخيا وسياسيا للسعودية لاستثمار هذه الواقعة والتي لا صلة لها بالمؤتمر الشعبي العام ولا صلة لقائد الحرس الجمهوري أحمد علي عبدالله صالح بهذا الانقلاب والذي مازال يخضع لعقوبات يفترض أن المتغيرات قد اسقطتها ، لكن واقع ما يجري كشف زيف الإدعاء السعودي ومن ورائه أمريكا التي أعطت أوامر لسفارتها في صنعاء بالمغادرة والانتقال إلى مركز إدارة الحرب في الرياض .
أخيرا يمكن الاستعانة بما قاله السفير السعودي محمد آل جابر حول الوحدة اليمنية وهي الحامل الحقيقي للشرعية التي زعمت بلاده أنها جاءت لنصرتها والدفاع عنها مستهزئا بذاكرة اليمنيين ومسقطا الحديث عن استعادة الدولة للحديث عن عدالة القضية الجنوبية وأحقية الجنوب بتحقيق المصير ، وبعد هذا كله مازالت النخب السياسية اليمنية تقدس جهلها وتصر على البقاء ساجدة بين يدي حكام السعودية ، مرحلة أكاذيب السعودية إلى الأمام .
لم يعد التخطيط السعودي لتدمير اليمن فرضية ، بل أصبح واقعا نشهده اليوم ، خاصة بعد تراجع وهشاشة وسخرية دعوات إنهاء الانقلاب واستعادة الشرعية وتنصل السعودية والإمارات منها وبسخرية .
لكنهم يجهلون بأن الشعوب لا تموت وأن اليمنيين لن يفرطوا بسيادتهم ولن يسلموا اليمن لإيران وسيلاحقون حكام السعودية والإمارات ومن ورائهم الامريكيون والبريطانيون الذين ساعدوهم على قتل اليمنيين وتدمير بلادهم في المحافل الدولية وما ضاع حق وراءه مطالب .