جميع المؤشرات والوقائع على الأرض تؤكد التخادم بين تنظيم القاعدة في اليمن وبين الإمارات العربية المتحدة ، يعود ذلك إلى هدف الإمارات الرامي إلى تمزيق وتقسيم اليمن ، ولهذا لم تأت بهدف إنهاء الأزمة ، بل لإدارتها ، وفي الوقت الذي تمد تنظيم القاعدة بالحياة ، تمد جماعة الحوثي أيضا بنفس الحياة ، حتى وإن كان ذلك بطريقة غير مباشرة ، فهي تدير المعركة من خلال المليشيات التابعة لها مع الشرعية وفي مناطقها بعيدا عن المناطق التي تسيطر عليها عصابة الحوثي الإرهابية .
وبالعودة إلى العلاقة بين الإمارات وتنظيم القاعدة ، يتذكر الجميع كيف استولى التنظيم على مدينة المكلا بتلك السهولة عام 2015، تحت ذريعة حمايتها من الحوثيين ، وكيف خرج منها بنفس السهولة ، وبحسب وكالة أسوشيتد برس ، كانت هناك صفقة بين الإمارات والتنظيم للخروج من المدينة بكامل سلاحهم ومقابل أموال بلغت تقريبا 900 مليون دولار ، وقد تساءل أحد زعماء القبائل وهو يشاهد عناصر التنظيم يغادرون خارج المدينة ، لماذا لم تقصف طائرات التحالف الحربية والطائرات بدون طيار الأمريكية ، هذه الأسراب من مقاتلي التنظيم ؟
إنها لعبة الإمارات التي تتقنها في خلق الفوضى التي تناسب حجمها الصغير للقدرة على الاستمرار في إدارة بلد بحجم اليمن ، فقد أنشأت ماسمي بالنخبة الحضرمية وفتحت لها أبواب مدينة المكلا لتدخلها بدلا عن التنظيم وزعمت حينها أنها قتلت ما يقرب من 800 مقاتل من التنظيم ، إلا أن صحيفة نيورك تايمز كذبت هذا الادعاء وقالت ، لم تطلق طلقة واحدة وأن السكان استيقضوا من منامهم ليجدوا القاعدة قد اختفت من المدينة بغير قتال .
أنشأت الإمارات أحزمة أمنية ونخبا ومجالس ومكاتب سياسية ، مورس من خلالها التعذيب والإخفاء القسري والاغتيالات ، مما جعل منظمة العفو الدولية تصدر تقريرا اتهمت فيه الإمارات بارتكابها جرائم حرب ، لكن الإمارات رفضت ذلك التقرير ونفت التهمة عن نفسها .
جميع المؤشرات تؤكد بأن الإمارات تدعم تنظيم القاعدة ، مثلما تدعم الحوثيين ، بل إن تقارير كشفت عن دمج الكثير من عناصر التنظيم داخل الأحزمة والنخب والمجالس والمكاتب السياسية ، وتظهر أسماء واضحة ، مثل عبد اللطيف السيد الذي أسقط جعار كبرى مدن أبين وهو يقود القاعدة ، ثم أصبح قائدا للحزام الأمني الذي أنشأته وتموله الإمارات العربية المتحدة ، وبحسب صالح بن فريد أحد مؤسسي فروع قوات النخبة ، تم دمج 150 من التنظيم إلى النخبة بعد أن خضعوا لبرنامج توبة .
وهناك أسماء أخرى ، تعبر عن نفسها بانتمائها للتنظيم ، إما بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال احتوائها لعناصر من التنظيم ، أمثال محسن الوالي الذي عين سالم الحوزة القيادي بالتنظيم قائدا للحزام الأمني بأبين ، أو صالح السيد الذي اتهمه قائد لواء النقل أمجد خالد بأنه يعمل مع التنظيم وأنه يقف وراء تفجيرات عدن ولحج ، واتهمه بأنه استخدم نادر مقاديشو المتورط في اختطاف القنصل السعودي في عدن .
جميع التقارير تشير إلى تورط الإمارات في مساعدة تنظيم القاعدة في اليمن والعمل معه ، وهذا يدل على أكذوبة الإمارات في محاربة القاعدة ، مثل أكذوبتها في محاربة الحوثي ، ولعل إدارة المعارك المؤقتة مع الحوثي في مقبنة وحريب والانسحاب من الحديدة خير دليل على ذلك ، وكل ما تعد له العدة في قادم الأيام ، هو فتح معركة بين السلفيين والإصلاح ، كجزء من استراتجيتها لتقسيم اليمن ، كجزء من تقسيم الشرق الأوسط لصالح إسرائيل ، وما التطبيع مع الكيان الصهيوني وتبني السلام الإبراهيمي المزعوم إلا خير دليل على ذلك .