مسلسل الاختيار من إنتاج التوجيه المعنوي للقنوات المسلحة المصرية، فهو مسلسل يطرح وجهة نظر الجهة المنتجة له في الأحداث التاريخية للعشر السنوات الأخيرة ، إنه عمل فني موجَّه، أي ليس عملا فنياً خالصاً لوجه الفن، ولكنه عمل سياسي في المقام الأول، وهو يفعل ذلك بشكل صريح دون أي اعتبار لعقلية المشاهد، إذ يتصور القائمون عليه أنهم بهذا المسلسل يعملون على تغيير وعي المتلقي بكل هذه البساطة.
من الناحية الفنية لا يجوز تجسيد شخصيات سياسية مازالت تمارس دورها وتصنع تاريخها، لأن ذلك التجسيد سيقدم بالضرورة وجهة نظر تخدم ظاهريا تلك الشخصية، وهي عملية ساذجة فنيا، لأن الناس لا يغيرون مواقفهم لمجرد أنهم شاهدوا ذلك في التلفزيون، بل العكس هو الذي يحدث، إذ تفقد الشخصية المجسَّدة هيبتها، وتصبح مادة للتندر والسخرية، لهذا السبب لم يقْدِم أي رئيس مصري سابق على فرض شخصيته على فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني ، باستثناء فيلم " طباخ الريس" الذي حرص أن يجسِّد شخصية الرئيس ممثل يشبه حسني مبارك، وكان ذلك الفيلم واحداً من أكثر الأفلام المصرية سخفا وسذاجة.
مازال المواطن المصري والعربي يتذكر ما حدث في ثورة يناير وما حدث بعدها، وعندما تقدم له الآن مؤامرات الإخوان المسلمين بشكل تفصيلي إنما تقدم له ما يعرفه، والشيء الجديد الذي تقدمه الآن هو جهلك بوعي وذاكرة جمهورك ومواطنيك، من يقوم بانقلاب لابد أنه يملك الشجاعة والقوة الكافية، فلا داعي أن يبرر للناس سبب انقلابه أو ثورته كما يسميها، امضِ في طريقك واصنع تاريخك، واترك التاريخ للزمن، فالتاريخ لا تصنعه المسلسلات، ووعي الناس أصعب من أن يغيره أو يوجهه مسلسل تلفزيوني ..
