يجيء الوجه مقترنا بالتوجه والوجهة "وجهت وجهي لله " فأقم وجهك للدين حنيفا" ويمكن بمراجعة سريعة للقرآن الكريم الوقوف على مدى حضور الوجه كدالة جوهرية للحضور الإنساني عموما .
وبتغييب الوجه تغيب الوجهة ، ويصعب التعرف والتعارف ، وترتبك علاقة الانسان بعالمه كله ،وندخل دائرة الإنكار والشك والإرتياب.
ومعلوم أن النقاب نتاج تحوطات فقهية اختزلت وجه المرأة في بعد واحد ، بحيث نظرت له كموضوع فتنة ومثيرغريزة وشهوة ، وباعث على الإفتتان
ونسوا أن الإيمان قرين الحرية والمسؤولية، وأن اخفاء المرأة لوجهها ينطوي على اشكالات عقدية عديدة تمس جوهر الدين والتدين .
وأجد أن التواصل الإنساني يرتبك كثيرا مع النقاب. وفي العمق يفصح النقاب عن عدم ثقة بالعالم من حولنا والنظر للناس باعتبارهم تهديدات مفترضة ومتوقعة على الدوام وبالتالي يبدو النقاب حاجزا في هذا الوعي المسكون بقلق الفتنة ، وفي هذا انتقاص يطاول الرجل والمرأة معا بإعتبارهما شقائق حياة .
حديث الرسول صلى الله عليه وسلم واضح قي هذا الأمر حول ابداء الوجه والكفين .
ويبدو ابداء وجه المرأة في الحج واداء الشعائر المقدسة اكبر دليل على الإيمان بقدرة الإنسان على انجاز تواصل شفيف ومختلط محمي بقوة اليقين ، وأصالة الحرية والمسؤولية، لا بقوة الأستار والحواجز والفهوم المتحوطة.
كنت ذات مساء استمع لأخت فاضلة واعظة جميلة سورية من قناة اقرأ حديثها الشفيف يلامس القلب ، دمعت عيناي تأثرا ،فقلت لبعض الأصحاب : لو شعرت للحظة خلال حديثها أن بعدا حسيا واحدا يتملكني لأيقنت اني حيوان.