تساءل الكثيرون في الأسبوع الماضي ولا يزالون عن كيل الغرب بمكيالين تجاه القضية الاكرانية والقضية السورية التي كان للتدخل العسكري الروسي الدور الأول ولا يزال في تعطيل الحل السياسي فيها ومن ثم تفاقم الدمار والموت والخراب.
والحال أن ما يجري الآن على ارض أوكرانيا مواجهة كبرى على السيطرة على القرار الدولي، او المشاركة فيه. وهي تجري على المسرح الاوروبي، أي الرئيسي والأهم. بينما لم يمثل الشرق الاوسط في هذه المواجهة سوى مسرحا ثانويا لا أهمية له، بل ميدانا لتقديم تنازلات للخصم من دون مخاطرة تذكر. وهاهي أوروبا تعيد اليوم، على ضوء انتقال الصراع الى مسرحها الرئيسي، تسليح نفسها وتوحيد صفوفها لتفرض وجودها في نظام عالمي جديد يتشكل، متعدد الأقطاب. أما نحن فيخشى ان نكون قد ذهبنا فرق عملة.
والمشكلة فينا، ولا اقصد السوريين فقط، ولكن المنطقة بأكملها، فهي بؤرة للنزاع وعدم الاستقرار والفساد والنهب والتطرف الديني والديكتاتورية. لم ينجح العرب خلال قرن كامل في التفاهم فيما بينهم، ولا تمكن المسلمون الذين يشكلون اغلبية سكانها من العرب والايرانيين والترك والكرد وغيرهم في تجاوز خلافاتهم وبناء السلام والأمن والتعاون في منطقتهم. ولذلك لم نكن ولن نكون رقما في هذه المواجهة والتنافس الدولي، ولا احد يحسب حسابنا الا كما فعلت روسيا التي استخدمت سواحلنا لبناء قواعد عسكرية ومراكز لنشر قوتها الاستراتيجية وشعبنا لتجريب الاسلحة الفتاكة الجديدة. ولم يفعل الامريكيون غير توظيف الموارد النفطية في الجزيرة العربية، بصرف النظر عن حدود دويلاتها وخلافاتها، لصالح شركاتهم، والسيطرة على سوق الطاقة العالمي.
هذا مصير كل الشعوب التي تملك ثروات ومواقع استراتيجية لكنها لا تدرك قيمتها ولا تفكر في وسائل الدفاع الذاتية عنها، فتثير طمع القوى الكبرى الفاعلة التي تدرك اهميتها، ولا تتردد في السيطرة عليها، بكل الوسائل، لوضعها في خدمة استراتيجياتها، وتعزيز فرصها في الفوز في الصراع على احتكار القرار الدولي او اقتسامه.
هذه مشكلتنا، والعلة للأسف فينا، شعوبا وحكومات، قوميات ومذاهب وطوائف دينية. ففي العلاقات الدولية القائمة على القوة ان لم تكن ذئبا اكلتك الذئاب. ونحن لم نكن خرافا فحسب وإنما كان راعينا ذاته وغدا لم يتردد في تقديم أبنائه قرابين لخطب ود الذئاب.