الصراع الموجود في اليمن سياسي بصبغة طائفية، ويعد امتداداً للصراع الموجود في معظم البلدان العربية.
وتتحمل حركات "الإسلام السياسي" وأعني بالدرجة الأولى حركة "الإخوان المسلمين" مسؤولية حدوث مثل تلك الصراعات، فهي المتسبب في الكثير مما هو حاصل اليوم.
لقد بدأ الإخوان حركتهم منذ الستينيات في "مصر"، وامتدت إلى "تونس" و"الجزائر" و"أفغانستان" و"ليبيا"، وبقية الدول العربية، ومنها اليمن، وكانت تفرض مشروعها السياسي الطائفي على بقية الطوائف سنة وشيعة.
ما تسبب في ردة فعل لدى الطوائف الأخرى، جعلها تتمترس خلف معتقداتها وما تحمله من موروث ثقافي؛ لحماية نفسها من التمدد الإخواني المتسارع، حتى حركة "الشباب المؤم"ن في صعدة لسنا إلا جزءًا من ردة الفعل لـ "مقبل بن هادي الوادعي" وفكره التكفيري المتطرف، والذي نتج عنها حركة "أن sار الله" اليوم.
كان الإخوان المسلمين يتحركون لنشر أفكارهم عبر ثلاثة مسارات:
أولاً: الانتشار في أوساط العامة واختلاق معارك وهمية على الضم والإرسال، وكأن مشكلة الأمة تتمحور حول مد اليد أو إرسالها، أو في طول الثوب أو قصره.
ثانيًا: التوغل داخل أجهزة الأنظمة القائمة، والتأثير عليها والسيطرة على أهم المراكز فيها، كالتربية والأوقاف والوظائف والإعلام؛ مستخدمة أسلوب رِجلٍ في المعارضة وأخرى في السلطة.
على إثر ذلك، تمكّنَت من تشكيل أجنحة داخل الأنظمة تابعة لها عسكريًا وسياسيًا وإعلاميًا وجهاديًا، وتمويلها من الموازنة العامة، حيث تمكنت في اليمن من إنشاء أكثر من عشرة آلاف معهد، بمناهج مستقلة ومعتمدة رسميًا وتقتطع لها أكثر من ثمانية عشر مليار سنويًا من موازنة الدولة.
ثالثًا: جمع المال عبر إنشاء آلاف الجمعيات باسم فلسطين والمعاقين وو .. إلخ.
في أواخر السبعينيات وفيما الصراع محتدم بين الفعل وردة الفعل ظهرت "ثورة الإمام الخميني" رحمه الله، نتج عنها "دولة إيران الإسلامية" بهويتها الشيعية فاستبشرتْ بها الطوائف المهددة وجوديًا من قبل الإخوان، أستطيع أن أقول إن ذلك ليس كله حبًا في إيران وإنما للاحتماء بها من الخطر الإخواني الوجودي.
فالزيدية والشافعية معروف عنهم أنهم على تباين كبير مع الفكر الاثني عشري، لكن محطات اللقاء معهاأكثر منها مع حركات الإخوان السياسي وليس المذهب السني.
تلتها ثورات الربيع العربي التي هي في الأساس هبّات شعبية عفوية، إلا أن حركة الإخوان المسلمين ركبوا الموجة وحرفوا مسارها لصالح مشروعهم السياسي؛ مما نتج عنه الصراع الموجود الآن في أكثر الوطن العربي، ولا أعني أن بقية الطوائف ملائكة فردة الفعل من قبل تلك الطوائف لا يقل جرمًا عن الفعل نفسه ، فقد اتخذت نفس الأسلوب والممارسة.. لغرض الوصول للسلطة والاستحواذ على السلطة والثروة، ولهذا لا يمكن تخليص الشعوب من صراعات الفعل وردة الفعل التي نكتوي بنارها اليوم إلا بـ" دولة مدنية حديثة ديمقراطية عادلة".
وأصحاب الفعل وردة الفعل اذا هم مصرون على مواصلة الصراع فعليهم أن يتصارعوا فيما بينهم بعيدًا عن السلطة ويحددون لهم مكانا للمصارعة بعيدًا عن الناس ويتركوا الشعب وشأنه يبني له دوله تنظم شؤون حياته.