مؤخرا نشطت وسائل الإعلام التابعة للانتقالي في شن حملة إعلامية ضد القوات الحكومية في وادي حضرموت شرق اليمن حيث تطالب قيادات الانتقالي بإخراج هذه القوات من حضرموت وتسعى لإنشاء معسكرات بديلة لها وهي تحركات تجسد رغبة الإمارات في السيطرة على محافظة حضرموت الغنية بالنفط والثروات وتمكين أدواتها ممثلة بالانتقالي من السيطرة على السلطات فيها.
هذه الحملات والتحركات تعبر عن مدى سعي الإمارات للاستحواذ والرغبة في بسط نفوذها على كافة مناطق جنوب وشرق اليمن وتصفية ما بقي من حضور لسلطة الشرعية اليمنية فيها وإقصاء ومحاصرة النفوذ السعودي في جنوب وشرق اليمن.
الأخطر أن الإمارات وهي تسعى للاستحواذ على جنوب وشرق اليمن تقوم بتأسيس مليشيا مسلحة تمارس أبشع الانتهاكات الحقوقية ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل ان الإمارات تقوم باستخدام ورقة القاعدة وداعش وتوظيف ملف الإرهاب لتحقيق مصالحها وتنفيذ أجندتها على حساب الأمن والاستقرار في اليمن فمن يتابع النشاط الإماراتي في اليمن منذ إطلاق التحالف لعملية " عاصفة الحزم " العسكرية في 26 مارس 2015م وتسلم الإمارات لملف الجنوب إلى اليوم يجد أن الإمارات قد عملت على تأسيس وتمويل العديد من المليشيات المسلحة الخارجة عن الدولة والجماعات الدينية التي تحتكر الخطاب الديني وتشيطن خصومها وتكفرهم ، إضافة إلى دورها في تقليص حضور الدولة اليمنية وضرب نفوذها وتدمير البنية التحتية وضرب الاقتصاد اليمني وتأسيس العشرات من السجون والمعتقلات وممارسة ضباطها للاغتصاب والتعذيب البشع بحق المعتقلين فيها ما أدى لوفاة بعضهم تحت التعذيب.
لقد عملت الإمارات على تهيئة بيئة مناسبة لنشاط القاعدة وداعش والمليشيات المسلحة الخارجة عن الدولة وساهمت بشكل كبير في تنامي الإرهاب وإيجاد بيئة حاضنة له.
ولو أن الإمارات وقفت بقوة خلف الدولة اليمنية ممثلة بالحكومة الشرعية ودعمت الجيش الوطني والقوات الأمنية الرسمية لأختلف الوضع في اليمن عما هو عليه الآن ولكنها اختارت العمل على تقويض حضور الدولة اليمنية وتقليص نفوذها وضرب هيبتها وقصفت جيشها حينما كان على أبوب عدن في أيلول سبتمبر 2019 ما أدى إلى مقتل وجرح المئات من الجنود ، كما دعمت ومولت المجلس الانتقالي وسوقت له ولقياداته وفرضت وجوده على الأرض بمليشيات مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة وفرضت " اتفاق الرياض " في 5 نوفمبر تشرين الثاني 2019 لتسويقه سياسيا وفرضه ممثلا للقضية الجنوبية ثم فرضت تقاسمه للسلطة مع الحكومة الشرعية بعد ذلك ، ووجهته بعدم القيام بأي خطوة من الخطوات والبنود التي وقع عليها في " اتفاق الرياض " حتى اليوم وعلى العكس مارست كل ضغوطها على الحكومة الشرعية لتقديم كل التنازلات لصالح الانتقالي .!
تشكيل بيئة حاضنة للإرهاب
لقد وفرت الإمارات بهذا المشهد المتسم بالفوضى والاضطراب وضعف سلطة الدولة البيئة الحاضنة والمناسبة لنمو وتزايد نشاط عناصر الإرهاب ومليشيا القاعدة فهذه العناصر لا تنشط إلا في ظل الحروب والفوضى وضعف القبضة الأمنية وهو ما أوجدته الإمارات في جنوب اليمن والتي لم تكتف بتوفير البيئة الملائمة لنشاط القاعدة وتزايد الإرهاب وإنما عملت على تجنيد الآلاف من عناصر القاعدة وداعش في المليشيات التي أسستها ودربتها وقامت بتسلحيها وتمويلها، كما قامت بترقية العديد من عناصر القاعدة إلى قيادات بارزة في هذه التشكيلات والفصائل المسلحة التي أسستها ومولتها.
كما قامت الإمارات بتعيين العشرات من عناصر القاعدة الذين يعرف القاصي والداني في الجنوب سجلهم الإجرامي، حيث رقتهم كقيادات في المليشيا التي أسستها، وفرضت بعضهم في مواقع أمنية هامة، وقد أكد موقع "هنا عدن" في تقرير صدر عنه مؤخرا أن الإمارات استثمرت في جماعات وشخصيات متطرفة على ارتباط وثيق بتنظيم القاعدة في اليمن في وقت ترفع فيه شعار محاربة الإرهاب في اليمن.!
وقد أورد التقرير أسماء عشرات الشخصيات منهم على سبيل المثال محمد الجعري أحد قيادات القاعدة في المحفد بأبين والذي أصدر عيدروس الزبيدي في يوليو تموز 2021 قرارا بتعيينه قائدا لقوات الحزام الأمني في المنطقة الوسطى بأبين ، ويؤكد مدير جهاز الأمن السياسي بأبين العميد صالح عمر سودان أن الجعري يعمل مسؤولا على نقل الإمدادات لعناصر القاعدة في جبال المحفد ولا يزال يمارس نشاطه في القاعدة حتى اللحظة .!
كما أشار للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقريرا له صدر في 23 يوليو تموز 2017م إلى مليشيا الحزام الأمني الممولة من الإمارات والتي تمارس القتل والاعتقال بحق الدعاة والأئمة والناشطين بعدن.
والأخطر بحسب التقرير تأسيس الإمارات لجماعات سلفية بعدن نصبت نفسـها صاحبة وصاية دينية وفكرية على مخالفيها وتقوم بملاحقتهم واغتيالهم أو التنكيل بهم .
ونبّه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى العديد من السجون التي فتحتها الإمارات بعدن وزجت فيها بمئات من الأبرياء الذين تعرض الكثير منهم للاغتصاب والتعذيب وبعضهم توفوا في السجون نتيجة التعذيب مؤكدا على أن تلك الممارسات تجعل حياة الناس في اليمن مهددة باستمرار وتفقدهم الشعور بالأمان على حياتهم وحياة عائلاتهم.
السعي لإعادة عناصر القاعدة إلى حضرموت
بعد سيطرة الإمارات على محافظة شبوة وتغيير محافظها الموالي للشرعية في 25 ديسمبر كانون الأول 2021 بضغوط اماراتية رغم أنجح وأنه محافظ في اليمن محمد بن عديو بمحافظ موالي للإمارات لتقوم الإمارات بإحلال مليشياتها بدلا من قوات الجيش والأمن كما توجهت أنظار الإمارات صوب محافظة حضرموت الاستراتيجية وبدأت بتجييش عناصر الانتقالي واستغلال المطالب الحقوقية ومحاولة التجنيد الغير قانوني وركوب موجة " الهبة الحضرمية " لحرفها عن أهدافها الحقيقية لتحقيق مكاسب ومصالح على حساب أمن واستقرار حضرموت ومصالح .
كما كثفت أدوات الإمارات ممثلة بمليشيا الانتقالي من حملتها الإعلامية ضد قوات المنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت والمطالبة بإخراجها من حضرموت رغم أنها قوات وطنية ولائها لليمن الكبير وقد ضحت بالآلاف من الشهداء والجرحى على مدى سنوات من أجل فرض الأمن والاستقرار في كافة مناطق وادي حضرموت وقامت بجهود كبيرة في مطاردة عناصر الإرهاب والتخريب حتى تمكنت بفضل الله ثم بجهودها الكبيرة وتضحياتها العظيمة وبجهود كافة المخلصين من أبناء حضرموت من بسط سلطة الدولة وفرض الأمن والاستقرار وإنهاء أي تواجد لعناصر الإرهاب والتخريب ولن يستفيد من إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من حضرموت إلا مليشيا القاعدة وفلول الإرهاب وعناصر التخريب.
كما بدأت الإمارات عبر عناصر الانتقالي بتجميع عناصر القاعدة والإرهاب وتمويلها وتسليحها ودفعها للقيام بأعمال تخريبية حتى تقوم بتحميل قوات المنطقة العسكرية الأولى المسؤولية عن الفشل في ترسيخ الأمن والاستقرار بحضرموت.
تحويل مدينة عدن إلى حاضنة لعناصر الإرهاب والمليشيا
بالأمس استيقظ أبناء عدن على اشتباكات مسلحة عنيفة بين فصيلين من مليشيا الانتقالي في أحياء خُور مكسَر والمُعلّا إثرَ خلافات على صرف رواتب تُقدمها الإمارات لمليشيا الانتقالي.
الاشتباكات التي أدت إلى توقف حركة الملاحة في مطار عدن وشلت الحركة في مختلف المرافق العامة والخاصة وتسببت بحالة من الرعب لدى المواطنين ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فهذه الفصائل المسلحة المتناحرة منذ سيطرتها على مدينة عدن بدعم وتخطيط وتنسيق اماراتي في 10 أغسطس آب 2019 على عدن وهذه المدينة التي كانت قبلة للسياحة والأمن والاستقرار والتعايش تعيش حالة مزرية من الانفلات الأمني وانهيار شامل لكافة الخدمات ، فصارت عدن مأوى للعناصر الإرهابية والمليشيا المسلحة وقيادات القاعدة وداعش التي استعان بها الانتقالي لتنفيذ العشرات من جرائم الاغتيالات والقتل حتى تفشت جرائم الاغتيالات الممنهجة والقتل اليومي والإخفاء القسري حتى صارت مدينة منكوبة ، مجرد زيارتها هي مغامرة غير محسوبة المخاطر ، وصارت كل التقارير الدولية تصنف هذه المدنية بأنها من أخطر المدن في العالم العربي بعد أن كانت ملتقى للكثير من الشخصيات العربية والعالمية ومدينة تهفو إليها القلوب وتحن إليها النفوس.!
والمؤلم أن كل تلك الممارسات المرعبة والأعمال المخيفة والانتهاكات الكارثية لحقوق الإنسان مضت دون حساب ولا عقاب ولا مساءلة ولا تحقيق ولم تقم السلطات بعدن بتقديم أي مرتكب لهذه الممارسات للعدالة رغم الوعود والتهديدات والبيانات الطنانة.!
تصفية أي فصيل غير الانتقالي
ولم تكتف الإمارات بضرب حضور الدولة والعمل على تقويض سلطتها وتسليم مناطق الجنوب للانتقالي وتأسيس المليشيا المسلحة الخارجة عن الدولة وتوفير بيئة مناسبة لنشاط القاعدة وداعش بل عملت على شيطنة وتصفية أي فصيل سياسي أو ديني يختلف مع الانتقالي ولذا جندت المئات من العناصر الإجرامية في عدن وأبين ولحج وحضرموت وقد قامت هذه العناصر الإرهابية بقتل المئات من الدعاة والعلماء وخطباء وأئمة الجوامع والأحرار من السياسيين وأهل الفكر ومطاردتهم وإرهابهم، كما قامت الجهات الأمنية في مناطق الجنوب بنسبة عمليات القتل الممنهجة لمجهولين ولم تقم يوما بإجراء أي تحقيق نزيه وشفاف في أي جريمة من هذه الجرائم التي تمت بحق المئات من العلماء والدعاة والأحرار من السياسيين والإعلاميين بل احتفظت بملفات القضايا لديها وصمتت وكأن شيئا لم يكن .!!
لقد شيطنت الإمارات وإعلامها وإعلام أدواتها كل أبناء اليمن ما عدا الانتقالي وجعلت منهم خونة ومرتزقة وارهابيين وعناصر تكفيرية بينما تجد العناصر الإرهابية والتكفيرية من الإمارات كل الدعم والتمكين والتسليح والتمويل ، حتى وصل الأمر بقيادات الانتقالي إلى نشر صورهم وهم مع عناصر القاعدة ويقفون بجوار أعلامها وراياتها وقد نشرت وسائل إعلامية صورا لنائب رئيس الانتقالي هاني بن بريك مع عناصر من القاعدة كما حول بن بريك المقيم في أبوظبي صفحته في تويتر لمنبرا لبث فتاوى التكفير لمخالفيه والتحريض على قتال الجيش اليمني.
ولم يقف نشاط الإمارات عند هذا الحد من القتل والإجرام ونشر الفوضى والاغتيالات وزعزعة الأمن والاستقرار بل عملت على تعطيل الموانئ التجارية والمطارات الحيوية والمنشآت النفطية والغازية وحولتها إلى ثكنات عسكرية لجنودها وإلى معتقلات كما حدث في مطار الريان بمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت حيث حولت الإمارات مطار الريان إلى سجن لأبناء حضرموت تمارس فيه التعذيب والتنكيل بكل من يختلف مع الانتقالي أو تخشى منه المعارضة لتوجهاتها الإجرامية وأجندتها التخريبية في اليمن .
تدمير ممنهج للاقتصاد اليمني
ان الإمارات باحتلالها للجزر وتحويلها المطارات والموانئ اليمنية وكذلك المنشآت النفطية والغازية كما هو الحال في منشأة بلحاف الغازية بشبوة - والتي زعم إعلام الانتقالي عودتها للعمل بينما لا تزال معطلة- قد حرمت الخزينة العامة للدولة اليمنية من ما يقارب 5 مليار دولار هي عائدات نشاط منشأة بلحاف والمطارات والموانئ كما حرمت ما يقارب 17 ألف عامل يمني من وظائفهم وألقت بهم في رصيف البطالة والفقر وجعلت منهم فريسة لتجنيد المسلحة الخارجة عن الدولة ناهيك عن تدميرها للاقتصاد اليمني وضرب عملته الوطنية وما سببه هذا الانهيار الاقتصادي من ارتفاع مخيف لأسعار المواد الغذائية ما يدفع الكثير من أبناء الجنوب إلى الهجرة أو الالتحاق بالمليشيات المسلحة أو الانتحار هروبا من اليأس والفقر والبطالة وانعدام الأمل وضيق الأفق .
وإذا لم يكن هذا التدمير الممنهج للاقتصاد الوطني اليمني باحتلال الجزر والموانئ والمطارات والمنشآت النفطية والغازية وتحويلها لثكنات مسلحة وضرب وجود الدولة وقصف جيشها وتأسيس المليشيا المسلحة الخارجة عنها وفتح السجون وممارسة التعذيب والاغتصاب فيها ودعم عناصر القاعدة وداعش وتسليحها وتمويلها وتبني الفصائل الانفصالية المناطقية ذات المشاريع القروية الصغيرة ودعمها وتمويلها وتسويقها إرهابا فما هو الإرهاب ؟!!