من منا لا يتذكر دخول مذيعة قناة العربية في نوبة ضحك شديد وهي تسمع لتقرير محمد العرب الذي كان يقف على صحراء مترامية الرمال متحدثا عن تنفيذ البرنامج السعودي لمطار مأرب الدولي الذي وصفه بأنه سيحدث نقلة نوعية في اليمن ؟ ومن منا لا يتذكر الحديث عن عاصفة الحزم ومن بعدها الأمل ، ثم عاصفة تحرير اليمن السعيد التي أطلقها المالكي ، واختتمها وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي ؟
أشرت أكثر من مرة إلى أن من يدير سياسته بلجنة خاصة ويهمش كوادره التي تعلمت السياسة في كبريات الجامعات العالمية ليس بحاجة إلى أعداء ، فهو عدو نفسه ، وقد تذكرت تصريحا ذات مرة لولي العهد السعودي ، قال فيه ، إن إشكالية السعودية مع إيران هي في التصرفات السلبية لإيران ودعمها لمليشيات خارجة عن القانون ، وكأن دعم السعودية والإمارات لمليشيات انقلبت على الشرعية داخل القانون .
إذا كانت مذيعة العربية قد دخلت في نوبة ضحك هستيري أمام تشييد محمد العرب لمطار وهمي ، فما بالنا بمن يقرأ تصريح المحلل السياسي السعودي ورئيس تحرير صحيفة العروبة اليوم سامي العثمان الذي قال ، إن السعودية أذهلت العالم في حربها في اليمن ضد مليشيات الحوثي الإرهابية ، لاسيما هزيمة المشروع الفارسي في اليمن .
كل ما سبق يؤكد أن حملة الحرب التي شنتها الرياض منذ 7 سنوات في اليمن كانت كذبة كبيرة ، لم يستفيد منها سوى مجمع الفساد ، فبعد سبع سنوات مازالت الأكاذيب مستمرة ، من المدهش أن يستمر الكذب طوال كل هذا الوقت ، كنا نعتقد أن صانع القرار ضلل من قبل الفريق المحيط به ومن قبل وسائل الإعلام ، لكنه اتضح أن صاحب القرار جزء من سياسة التضليل للرأي العام السعودي والعربي والدولي .
من المؤسف أن صانع القرار لم يعر أي اهتمام بالواقع وتواطأ على إخفاء الحقائق والسماح بتدهور الوضع والسماح بإهدار الأموال وذهاب عشرات المليارات إلى جيوب مجمع الفساد والقطاع العسكري الذي يشرف على ما تسمى بالقوات المشتركة ، فسفير السعودية في اليمن ورئيس برنامج الإعمار فى تجاوزت ثروته 5 مليار دولار .
منح القادة السعوديون فرصة الانتصار على المشروع الإيراني ، لكنهم يصرون على هزيمة أنفسهم ، فبعد سبع سنوات من الحرب مازالت أذرع إيران تقصف الرياض وأبو ظبي ، بينما سامي العثمان يقول ، إن الجيش السعودي أذهل العالم في هزيمة المشروع الفارسي ، هكذا يعيش هؤلاء في عالم خيالي بينما الحقيقة تقول إنهم لم يهزموا سوى البنية التحتية في اليمن ، كان آخرها ضرب الاتصالات وقطع الإنترنت وقطع اليمن عن العالم .
وهنا نقول لخالد بن سلمان ، قبل أن تضموا اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي ، أعيدوا لنا رئيس الجمهورية وقيادات الشرعية إلى اليمن واتركوا الحكومة تمارس عملها داخل الأرض المحررة ، ويجب أن تسلموا بأن قوة السعودية ليس في إضعاف اليمن ، بل بقوة اليمن ، فإذا أدركتم أن قوتكم هي في قوة اليمنيين ووحدتهم ، فإنكم ستكونون قد فعلتم الأشياء الصحيحة في مواجهة التهديد الوجودي المتمثل في الحوثي وليس في الدولة اليمنية .