تأكيد الرئيس الأمريكي على أن واشنطن ستنهي دعم العمليات الحربية في اليمن ، أحد ضروب الكذب الذي يتساوى مع كذب الإمارات في إعلانها الانسحاب من اليمن ، بعد أن فاز بايدن بالانتخابات الأمريكية ، قال في خطابه : الحرب في اليمن ، يجب أن تتوقف ، بالتزامن مع تصريح بايدن ، قال قرقاش في تغريدة على تويتر : " أنهت الإمارات تدخلها العسكري في اليمن ، حرصا منها على انتهاء الحرب " ، وأضاف أن الإمارات دعمت جهود الأمم المتحدة ومبادرات السلام المتعددة لليمن ، والخلاصة ، لا أمريكا أوقفت الحرب ولا الإمارات انسحبت من اليمن .
تشترك الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات العربية المتحدة في نظرتيهما إلى اليمن ، فالأولى تنظر إلى اليمن من زاوية تنظيم القاعدة ، والثانية تنظر إلى اليمن من زاوية تنظيم الإخوان ، هذه النظرة عقيمة ، لأنها تتجاهل الخطر الحوثي ، وتعزز قوته وقوة إيران من ورائه وتساعدهم على الحصول على مكاسب جديدة .
وعلى الرغم من ترحيب المملكة العربية السعودية بتصريحات بايدن بوقف الحرب ، إلا أن الحرب لم تتوقف حتى الآن ، على العكس من ذلك شدد الحوثيون هجومهم على مأرب بعد أن أوقف التحالف جميع الجبهات ، وبعد أن أخرجهم بايدن من قائمة الإرهاب بدون مقابل ، وكأنه كان يعطيهم الضوء الأخضر لاجتياح مأرب وتحت أي ثمن .
وإذا ما عدنا إلى الوراء قليلا ، وخاصة إلى فترة أوباما ، فسنجد أن بايدن كان أحد أهم أعمدتها ، وهي الفترة التي أعلنت فيها الحرب على اليمن ، وسلم ملفها للمملكة العربية السعودية ترضية لها مقابل الاتفاق النووي مع إيران ، فبايدن منذ أن كان في إدارة أوباما ، كان على علم بالوجود الإيراني في اليمن ويعلم مدى تجذره ، وهذا يعني أن هناك رغبة لدى إدارة بايدن في تحويل جزء من اليمن إلى إمارة إيرانية .
بإمكان الولايات المتحدة الأمريكية أن تضغط على زر إنهاء الحرب في اليمن ، وبإمكان الإمارات أن تدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية ، لكن لا أمريكا تريد إنهاء الحرب ولا الإمارات تريد وحدة اليمن ، وجميعهم يزرعون الفوضى بأيد ملطخة بدماء اليمنيين .
لم تعد المشكلة في اليمن في وقف الحرب أو عدم وقفها ، علما أن وقفها أصبح ضرورة ملحة ، فالمشكلة أبعد من ذلك بكثير ، وهي وجود جماعة إرهابية تعمل صراحة تحت الإدارة الإيرانية ، فكيف سيتم التعامل مع هذه الإمارة الحوثية التي يتجاوز خطرها خطر أي جماعة إرهابية أخرى ، وكيف سيتم تجاوز الفوضى التي تزرعها الإمارات من خلال خلق مليشيات متعددة ذات هويات فرعية تعادي الهوية الوطنية ؟
وبالرغم من كل ما يفعلوه إلا أن أفعالهم تلك ستعود عليهم ، وهاهي مأرب تعلمهم دروسا وتذكرهم يوم أن كانوا يموتون عطشا وتكبسهم كثبان الرمل ، كانت سدودها ممتلئة بالمياه تروي جنتان عن يمين وشمال ، ويوم أن كانت مهنتهم قطع الطريق كان اليمنيون يبنون إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ، ويوم أن كانوا يدفنون بناتهم عارا كانت بلقيس تجلس على عرشها ، ومثلما كانوا لا شيء سيعودون لا شيئ ، وستظل اليمن هي الماضي والحاضر والمستقبل ومن يرتبط بها يكبر ومن يعاديها يظل صغيرا يجتر دونيته وصغاره .