أستطيع القول إن بيان بن دغر وجباري حرك المياه الراكدة وأماط اللثام عن حجم الأزمة التي تعيشها اليمن ، وقد سارعت هيئة رئاسة مجلس النواب إلى التنصل من البيان وقالت إنه كان مفاجئا وصادما ولا يعبر إلا عن رأي فردي لا يمثل مجلس النواب ولا هيئة رئاسته لا من قريب أو بعيد .
البيان دعا الشرعية إلى القيام بمهامها وواجباتها الدستورية وتحرير مؤسسات الدولة من مختطفيها ودعم الجيش بالسلاح لكي يقوم بواجباته ، فإذا كانت هذه تعبر عن رأي فردي يخص بن دغر وجباري ، فما هو رأي هيئة رئاسة البرلمان ، وهل ما قاله البيان يتعارض مع دور مجلس النواب ؟
أضاف البيان الصادر عن هيئة رئاسة البرلمان القول ، إن السلام قضية وهدف الشرعية والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وتحقيقه يتطلب معادلة ميدانية وأخلاقية بعيدا عن القفزات الفردية والمصالح الشخصية التي تضر بالقضية اليمنية .
وجب اليوم أن نردد شعار رئيس الهيئة البرلمانية الذي يقول : " يهرف بما لا يعرف " ، لنقول له إنك تهرف بما لا تعرف ، فماهي المعادلة الميدانية والأخلاقية التي يتطلبها السلام ، وأين هي منذ سبع سنوات ، وكيف يبحث بن دغر وجباري على مصالح شخصية وأولهما رئيس مجلس الشورى وثانيهما نائب رئيس البرلمان ، وهذا يؤكد أنهما انطلقا من مصلحة عامة وليست شخصية ؟
أما بيان الإصلاح ، فهو الذي كان مفاجئا وصادما إذا أخذنا بمقولة هيئة رئاسة مجلس النواب ، لأن الحزب ظهر في هذا البيان يدافع عن تحلل الدولة وتدمير ماليتها والخدمات العامة ويدافع أيضا عن أخطاء التحالف التي عممت الفقر والبؤس ، وكان منتظر من الإصلاح أن يصارح الشعب اليمني بحقيقة ما يجري مصارحة علنية ، لاختصار فترة معاناة اليمنيين في حياتهم اليومية ولتجنيبهم المزيد من الويلات وبدء عملية استعادة الدولة ، فليس من مصلحة حزب الإصلاح أن يضحي بالقرار الوطني على مذبح مصالح دول التحالف التي تتربص به .
قال بيان الإصلاح ، إن الأوضاع تستدعي رص جهود جميع القوى الوطنية ، وضرورة الالتفاف حول شرعية مؤسسات الدولة بقيادة رئيس الجمهورية والعمل من داخل أجهزتها الرسمية ، من أجل مواجهة كافة التحديات والاختلالات ، وهذا ما دعا إليه بيان بن دغر وجباري ، فبيانهما لم يدعو إلى الخروج على الشرعية بل للتمسك بها لأنها ما تبقى لليمنيين من مشروعية ، والدعوة كانت إلى تحالف وطني لتجاوز المليشيات النابتة في قلب الشرعية تمتص مشروعيتها وتشتت قرارها .
البيان دعا إلى تحرير قرار الشرعية وهذا حق مشروع ، خاصة والجميع يعرف أن القرار بيد محمد آل جابر الذي قال ، إن بلاده متمسكة بمعين عبد الملك ولن تفرط به ، حتى لو وصل الدولار إلى مليون ريال يمني ، والجميع يعلم كواليس تشكيل حكومة معين وكيف أجهض اتفاق الرياض ، وأن إعادة بناء الحكومة هي مهمة مؤجلة إلى حين استعادة القرار الوطني .
لا أحد ينكر دور حزب الإصلاح في أنه كان السباق إلى تشكيل الجيش الوطني والمقاومة لمواجهة الإماميين ، وكان له دور كذلك في مواجهة الانقلاب على الشرعية في عدن وسقطرى وغيرها من المدن اليمنية ، لكن إذا كان التاريخ ينصف بمكان ، إلا أنه يلعن بمكان آخر ، فالتاريخ لا يرحم المتقاعسين والمتواطئين والمعطلين الذين يرتكبون جرائم متعمدة ويصرون على إيصال اليمن إلى عمق الدمار والعذاب والظلم .