البيان الذي أصدره د أحمد عبيد بن دغر رئيس مجلس الشورى التابع للشرعية والأستاذ عبد العزيز جباري نائب رئيس برلمان الشرعية هو خطوة أولى نحو صحوة للشخصيات المؤثرة والقوى الوطنية لتدارك الوضع الكارثي الذي تعيشه اليمن والذي يتحمل التحالف وأدواته المسؤولية الكبرى عنه ولذا يجب أن ينال هذا البيان حقه من التفاعل الإيجابي والنقاش المطلوب .
البيان أكد أن الخيار العسكري وصل إلى طريق مسدود ودعا إلى حوار وطني شامل لايستثنى منه أحدًا وإلى تحالف وطني يسعى إلى وقف فوري للحرب ، كما اعترف البيان بأن أبناء اليمن يقفون أمام وطن ممزق، ينزف دمًا، وطن دمرته الحرب، وهي تكاد أن تقسمه إلى دول ومجتمعات، وتصنع في قلبه هويات على حساب الهوية الوطنية اليمنية الواحدة .
وقد أكد البيان على مصارحة " شعبنا بحقائق الأمور، فالخطاب السياسي والاعلامي لا يقول الحقيقة كاملة، نحن أمام وضع كارثي في بلادنا، ليس كله من صنع اليمنيين، لكن علاجه يتوقف على اليمنيين، يعاني منه شعبنا الفقر والجوع والمرض، ويشرف على مجاعة حقيقية".
الجديد في البيان هو أنه فيه توصيف دقيق للواقع اليمني بكل مآسيه ، اضافة إلى أنه موجه إلى الشعب اليمني وفيه دعوة إلى مصر ليكون لها دورا في إحلال السلام في اليمن.
من وجهة نظري فإن على الشخصيات والقوى الوطنية أن لا تكتفي بإصدار البيانات فقط وإنما يجب تتبع هذه البيانات تحركات وخطوات ملموسة لإنقاذ الوطن ، يجب التحرك والتحلي بالمسؤولية الوطنية فالكل مسؤول عن هذا الوطن وما يتعرض له هذا الشعب أمام الله أولا ثم أمام القانون والتاريخ وعلى الوطنيين التحرك العاجل قبل فوات الأوان .
من المؤكد لدينا ملاحظات على البيان لكنه في النهاية افضل من الصمت وغياب المواقف بألف مرة ، ما أنتقده على البيان على سبيل المثال أنه ما يزال يعول على قيادة " الشرعية " أن تتحرك وتعمل شيئا لإنقاذ الوطن وهذا غير معقول فالله سبحانه وتعالى يقول : ( فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) .
هذه القيادات انتهت ولم تعد قادرة على أن تعمل شيئا والتعويل عليها مضيعة للوقت والجهد ولذا يجب تجاوزها وبلورة شرعية وطنية من الشارع اليمني وستفرض وجودها ويعترف بها العالم الذي صار يتعامل مع مليشيا مسلحة لمجرد سيطرتها على الأرض ولذا يجب تجاوز مأزق الشرعية وترك هؤلاء يرتعون في الفنادق حتى يشأ الله .
من ملاحظاتي على البيان إشادته بالأمم المتحدة ودورها في اليمن وهذا خطأ أيضا ومغاطة وتجاوز للواقع إذا أردنا أن نصارح الشعب اليمني فيجب القول بأن الدور الأممي في اليمن كارثي وتخريبي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، الدور الأممي يقوم على نهب المساعدات المقدمة للشعب اليمني وهي مليارات لا يصل لليمنيين منها إلا الفتات كما تعمل الأمم المتحدة على دعم الميشيا ورعايتها وتمويلها وإطالة أمد الحرب وتأجيجها وتنفيذ أجندة الدول الكبرى في اليمن على حساب أمن واستقرار اليمن وحاضره ومستقبله وما خفي كان أعظم وأدهى وأمر .
من ملاحظاتي أيضا أن البيان كغيره من البيانات " يطبطب " على التحالف ويجامله ويقدر دوره في اليمن وهذا خطأ كبير ومغالطة للشعب اليمني فعدم إلقاء المسؤولية على التحالف وأدواته في الداخل والخارج واتخاذ موقف واضح ووطني منه يضع أكثر من علامة استفهام حول هذا البيان خاصة وأن الجميع يعلم بأن اليمن يتعرض لتدمير ممنهج منذ سنوات ومقولة أن التحالف تدخل في اليمن لإنهاء الانقلاب ودعم الشرعية لم تعد تنطلي على أحد ، لقد تدخل التحالف لتدمير اليمن بشكل ممنهج وخبيث ، تدخل عسكريا لدعم الانقلابات ورعاية المليشيا وعرقلة عودة الدولة اليمنية ولإبقاء اليمن تحت سيطرته وسيطرة المليشيا أدواته لأطول فترة ممكنة وهذه هي الحقيقة التي يجب أن يصرح بها الجميع وأن يبنوا عليها مواقفهم وأن يتحركوا على ضوئها لإنقاذ اليمن .