تخيل أنك نازح وهارب وعاطل عن العمل وتأتيك رسالة عبر جوالك ممن تسبب لك بكل هذا الجحيم غير المسبوق يدعوك فيها للتبرع لمجهوده الحربي بالاتصال أو إرسال رسالة بمائة ريال يمني بس ويا بلاشاه,حينها سيكون رد فعلك لعن اليوم الذي عرفت فيه الهاتف لتذكيرك بمن فررت منهم.
قطاع طرق ولصوص يسطون على الدولة في لحظة غادرة ويأكلون الأخضر واليابس من أموال الناس وممتلكاتهم وفتات رواتبهم,يلاحقونك إلى جوالك لدعمهم أنت المفلس الذي أصبحت شريدا مغتربا بلا فلوس بوطنك بعيدا عن أهلك.
هل رأيت لصوصا كبني هاشم يسرقون باسم الرسول الكريم والجهاد وكل شيء مقدس؟قطعا لا.يحاربونك منذ أكثر من عام من مالك في دولتك المغدور بها,وينفقون شهريا من البنك المركزي الذي هو مصرفهم حاليا 25 مليار ريال,ولك أن تتخيل باقي الأموال والمؤسسات والجهات.
انهار كل شيء في البلاد.دولة ابتلعتها لجان يرأسها ويعمل فيها لصوص وفاسدون وخريجو سجون ومجرمون فارين من وجه العدالة يستخدمون كنى وأسماء وهمية من قبيل أبو الحاكم وأبو أحمد,جميع هؤلاء يتحكمون بمصير 27 مليون يمني ولا يهمهم لو أفنوه عن بكرة أبيه,ولما لا وقد قال سيدهم نزيل الكهف إنه سيحارب حتى يوم القيامة.
تواصل العملة الوطنية فقد قيمتها إلى مستوى تاريخي غير مسبوق.الدولار الواحد يساوي 300 ريال يمني في السوق السوداء,وهي السوق الطاغية في البلاد ولم يعد شيء غيرها,كل شيء يباع فيها خارج الدولة من الوقود للغاز إلى الأدوية والغذاء وكل ما يخطر على بالك بأسعار تفوق قدرتك على الشراء.
لا يهم وكلاء إيران أي شيء ينهار في البلاد,وإياك أن تنتقدهم حتى لا يدرجونك في قائمة العدوان الذي هرولوا إلى أحضانه وأفرجوا عن أسراه وتحولوا إلى عمال يبعدون بأيديهم ألغامهم,في حين يواصلون زرعها لتنوبهم بعد خروجهم من أي منطقة أو مدينة في قتل من عجزوا عن الوصول إليه.
عاصمة البلاد السياسية المحتلة أصبحت شبيهه بإحدى مدن إيران أو النجف في العراق أو ضاحية بيروت الجنوبية تعج بصور أصحاب العمائم السوداء بدءا من مؤسس الجماعة الهالك حسين الحوثي وشقيقه نزيل الكهف مرورا بحسن اللات في بيروت ومجرم سوريا بشار.
أغرق المتخلفون شوارع العاصمة واللوحات الإعلانية وأعمدة الإنارة وواجهات المباني والمنازل العالية بصور أكبر مجرم فاشي عرفته اليمن على الأقل منذ 2004 أسس جماعة ارتكبت كل أنواع جرائم الحرب والإبادة والتطهير والتهجير والنهب وما تزال تفعل الموبقات حتى اليوم,وتواجه بمقاومة باسلة قرر شعبها أن ينتصر في معركة الإمامة الجديدة.
مائتان وخمسون مليون ريال أنفقها وكلاء إيران من خزينة الدولة لإحياء مناسبة مصرع مؤسسهم على حساب قوت الشعب الذي أصبح 18 مليون منه بأمس الحاجة للمساعدة العاجلة و80 في المائة عاطلين بعد توقف الشركات والمصانع وتسريحهم.
من الطبيعي أن تواصل هذه الفاشية حربها على اليمنيين ليس لأنها تؤمن بخرافة وهم الحق الألهي وأفضلية العرق,ولكن أيضا لأنها وجدت خزينة مفتوحة تحلبها حتى يجف ثديي البنك المركزي والحكومة المغتربة في الرياض تتفرج وتكتفي بإصدار البيانات.
في يناير الماضي وقبل إقالته,أعلن خالد بحاح رئيس الحكومة السابق,أن إجمالي ما نهبه الحوثيون حتى نهاية 2015وقيدوه كقرض على الحكومة بلغ تريليون و500 مليار ريال,أدى هذا إلى عجوزات اقتصادية كبيرة,فضلا عن نهب احتياطي النقد الأجنبي من 5.2 مليار دولار في سبتمبر 2014 قبل انقلابهم الكارثي وحتى أوصلوه إلى 2.3 مليار دولار بنهاية العام الماضي,أي أن الرقم قد يكون حاليا في حدود مليار ونصف على الأكثر.
البعض قد يستغرب لماذا يلجأ الحوثيون لهذا الضخ الكبير من الإعلانات ونشر صور زعيمهم الهالك والحالي,والجواب على ذلك أن هذا جزء من عقيدة الشيعة نراه في طهران وبيروت والنجف الهدف منه تجسيد هذه القيادات في الأذهان وبث حالة من القداسة حولها وتحويلها إلى رموز ملهمة وتاريخية لا تمس.
من ناحية أخرى وهي جزء من فكرة مقالي أن لها علاقة بالبعد التجاري الربحي,حيث أن هذه المناسبة من أهم مشاريع النهب والسرق وإجبار التجار والشركات والمؤسسات والمواطنين على المساهمة في إحياء"يوم الشهيد القائد",ويخرجون منها بأموال كبيرة يغطون بها فعاليتهم ويأكلون ما تبقى.
مثلما سيطروا على كل شيء,لم يكن سوق الإعلانات في اليمن بعيدا عن سرق بني هاشم الذين نهبوا شركات الإعلانات وصادروا أموالها ومعداتها وأجهزتها وأصولها ما اضطر الكثير منها للإغلاق وتسريح الموظفين ونجم عنه خسائر كبيرة لأصحابها والمستثمرين بهذا القطاع الحيوي وأضافوا مواطنين جدد إلى رصيف البطالة.
وجهوا ضربة موجعة لهذا القطاع وقضوا على كل منافسيهم في السوق واستخدموا ما نهبوه من معدات وأدوات الشركات لصالح فتح شركات ومؤسسات ومحال خاصة بهم تستثمر في هذا المجال وتدخل الملايين وتشغل أياديهم العاطلة على حساب أصحاب الحق من الملاك والموظفين اليمنيين.
في أحد تقاطع شوارع صنعاء,تنتصب 64 لوحة إعلانية مختلفة الأحجام تحمل صور حسين الحوثي مع أنه ليس مفكرا ولا أديبا ولم تستفد منه اليمن غير إحياء خرافة الدجل والسرق ومحاولة القضاء على النظام الجمهوري.
يقدر تقرير نشرته صحيفة العربي الجديد الخسائر المباشرة للقطاع بحوالي 30 مليون دولار خلال العام الماضي، فضلا عن خسائر في الأصول والمعدات التي تعرضت للنهب، بالإضافة فقدان الدولة رسوم سنوية تقدر بـ 40 مليون دولار مقابل تأجير المساحات الإعلانية في صنعاء فقط,وهذا المبلغ الأخير بالذات أصبح يورد إلى خزينة الحوثيين باعتبارهم المسيطرين على الدولة.
يضم السوق اليمني 2140 منشأة نشطة بالإعلانات بحجم استثمارات يتجاوز 40 مليون دولار عام 2014،بحسب دراسة نفذتها مجلة المزيج التسويقي المتخصصة.
مسيرة اللصوص وقطاع الطرق قامت بالسطو على اللوحات الإعلانية في الشوارع بلا أي اعتبار للتراخيص الصادرة من الجهات الرسمية لشركات الإعلانات، ودون اهتمام بالخسائر التي سوف تتكبدها,وأصبحت تحتكر قطاع الإعلانات وتديره عبر قطاع الإعلام والإرشاد التابع لها، ومن خلال شركات في الدعاية والإعلان والتصميمات الإعلانية,تابعة لها أيضا.
كل شيء تعرض للاحتلال,اللوحات الإعلانية محتكرة لصالح إعلاناتهم السياسية وأينما يممت وجهك في صنعاء بالذات ستجد احتلالا واسعا لمساحة الإعلانات في الشوارع والمباني والجسور والطرقات بين المحافظات،واختفت أو قلت الإعلانات التجارية.
أما إذا قادتك الصدفة إلى مطار صنعاء للسفر أو استقبال شخص,فإنك ستجد صورة حسين الحوثي بإحدى صالات المطار تستقبلك باللغتين العربية والانجليزية,في مشهد يستفزك أكثر لتواصل ثأرك ممن دمر بلدك ودولتك.