كم نحن أغبياء وحمقى عندما يتعلق الأمر بالسياسة.
أكره الثورة، بالرغم من جاذبيتها، أكره أفكارها العدمية التي لا تتأسس على رؤى وآليات واضحة وتعتمد القفز في الفراع أساسا لها ومبدأ.
على المستوى العالم العربي والواقع المحلي اليمني، لم أكن أستصيغ فكرة الثورة بمعناها الإيديولوجي المتطرف- على النحو الصارخ الذي تؤمن به الإشتراكية- حلا مقبولا لمشاكلنا الداخلية..الثورة بمعناها التغير الجذري الشامل للحياة بجوانبها المختلفة..أبغضها جملة وتفصيلا، وإن آمنت بها إعتبارا لقيمتها التأريخية في مجتمعات عتيقة لم تعد تولد مثلها اليوم.!
كنت ولا أزال أعلن إنحيازي للرأي الذي يتبنى ألإصلاح التدريجي نهجا للبناء والتطوير المستمر قاعدة وسلما لبلوغ الهدف المتمثل بدولة الرفاه والإزدهار الإقتصادي والتنموي.
أن نهضة ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وأمريكا لم تكن سوى خلاصة صيرورة مستمرة لجملة الإصلاحات التي شملت السياسة والاقتصاد والإدارة تزعمها قادة إصلاحيون وليس ثورجيون، أخذوا بيد شعوبهم بهدؤ وقادوهم بذكاء سياسي الي واجهة العالم، واستحقوا بذلك العلو، بالاصلاح الممنهج وليس الثورة.!
عربيا، ومحليا، واقعنا الإجتماعي والسياسي_في اليمن والوطن العربي_ عموما لا يصلح للثورات؛ لإعتبارات كثيرة، أهمها، من جانب موضوعي، أن الثورات بمنطقها الدوغماتي التمطرف، هي مرحلة تسبق نشوء فكرة الدولة، أي دولة، بعتبار أنها كيان سياسي منظم، دون الإلتفاف لطبيعة هذا الكيان السياسي وقيميته الأخلاقية ألمؤسسة لقواعد السلوك السياسي.!
ثانيا، بأن المجتمعات التي تعاني على المستوي الإجتماعي والسياسي مشكلات بينية، كالفقر، وإرتفاع نسبة البطالة، وإنخفاظ مؤشر الوعي والتنمية البشرية، مهما كان حجمها ومظاهرها ، لا تنفع معها الثورات أبدا، لأنها لا تحقق مساعي الشعوب وتطلعاتها، وغالبا ما تقود إلي نهايات وخيمة ونتائج كارثية تتقاسم أضرارها الأنظمة والشعوب بنسب متقاربة: حروب آهلية وأسروية، دولة فاشلة، تلاشي الكيانات القوية القادرة على بناء الدولة، وتنتصب البدائل والخيارات التي تفرض نفسها كأمر واقع: عصابات، مافيا منظمة، جملكيات.!