يكتب أحمد الشلفي مذكرات جميلة.
يدهشني ما يكتبه أحمد الشلفي شعرًا أو نثرًا، رغم أنني لست صحفيا ولا إعلاميا، لكني أجدني مشدود لقراءة المذكرات، خاصة تلك التي يكتبها إعلاميين أو صحفيين كبار.
تابعتُ سلسلة مقالات دورية لأحمد الشلفي، تتحدث عن مذكراته في العمل كمراسل لقناة الجزيرة، ومقالات تتحدث عن تفاصيل حياته كشاعر وصحفي.
كانت تلك المقالات التي قرأتها باهتمام بمثابة نافذة تأريخية على الحقبة الممتدة منذ بداية الألفية الثالثة، وشكلت كثير من تصوراتي نحو السياسية في اليمن.
في كتابة المذكرات يكمن خلاصة التجربة، ومنتهى الوعي الإنساني، وإن أروع التجارب هي تلك التي يكتبها صاحبها على شكل مذاكرات، خاصة اذا كان الكاتب أديبا، فإن قراءتها تصبح فتنة لا يمكن مقاومتها.
تلك المقالات وغيرها من المقالات التي لم ينشرها الكاتب ضمنها كتابه" الرحيل عن الجنة" دائما أقول لمن يريد مراجعة "الصورة المرضية" بتعبير اكلينيكي لحالة اليمن منذ مطلع الألفية الثالثة وحتى الآن هو مراجعة كتاب "الرحيل عن الجنة".
كثيرة هي المقالات التي يكتبها الصحفي الأديب أحمد الشلفي عن مواضيع سياسية وأدبية، ومؤخرًا أصدر الشلفي كتاب "حرب بلا ملامح" رغم أنني لم أقرأ ذلك الكتاب لعدم توفره في المكتبات المحلية، الا أنني أراهن على قيمته العالية في تدوين واقع المرحلة اليمنية الممتدة منذُ عقد من الزمن، وقد يصبح ذلك الكتاب وثيقة تأريخية مهمة كون كاتبها أديب وصحفي كبير معاصر للأحداث وقارئا لها عن قرب وبصر نافذ.
كتب أحمد الشلفي سلسلة مقالات بعنوان: "أوراق ميدانية من شرق أفريقيا" وهي مقالات جميلة ممتلئة بالدروس والحكايات الشيقة والمغامرات التي تشدك اليها، وفي تقديري أن تلك المقالات ستغدو يوما ما كتاباً جميلاً بعنوان: "أرواق ميدانية من شرق أفريقيا".
اليوم قرأت مقال جديد لأحمد الشلفي" أشياء من الذاكرة.. درس أول" يبدو أنه فاتحة مشروع عمل أدبي جديد، مذكرات قصص وحكايا من ذاكرة الكاتب، وليس أروع من أن يخرج الكاتب أرشيف ذاكرته الي القراءة، ذلك منتهى النبل أولاً، ومنتهى الإبداع الأدبي.
إن منتهى الصدق الأدبي يكمن في كتابة المذكرات، أما السخاء فهو أن يقرر الكاتب أن لا يبقي شيء في ذاكرته قد يفيد شخص آخر في بداية مسيرته، وقد تكون أشياء لا تهم أحد، ولكن تلك التفاصيل التي لا تهم أحد هي التي في النهاية نجد أنها تهم الكثيرين.!