إذا عُرف السبب بطل العجب، فمثلا تواجد السعودية في المهرة أو أخذ زمام الأمن في مناطق معينة بعد إتفاق الرياض، يحتم علينا أن نقرأ بنود الإتفاقية كاملة ونفهم خفايها وبعد ذلك نتحرك وفق منهج مدروس ولا نرمي التهم جذافا. لو أن القضية لغير هادي وزبانيته لاختلف رأي في الموضوع، ولكن أن تدافع عن شلة تجار، فهذه حقيقة فيها وجهة نظر أُخرى. قد يكونوا هم من باع القضية أو أن هناك اتفاق ضمني لا نعلمه، فالعدو متربص بنا ولا يمل في زرع الدسائس والفتن حتى يزيد الطين بله أو يزيد رقعة الشق أكثر مما هو عليه.
فرجاءً لا نريد مآسي أكثر مما نحن عليه فقد ملينا الغربة، فمن في فمه ملعقة من ذهب ليس كمن يلعق العلقم. فالملوم في الأمر هو تراخي شرعيتكم التي انغمس أعضاءها في التجارة والمشاريع التي تُمليء جيوبهم، فلا نخدع أنفسنا أكثر من ذلك، ولا ننسى ما حدث لنا عندما كنا نطبل للمخلوع حتى أوصل الوطن إلى حافة الفقر، الذي جعل مسؤولة البنك الدولي لمكافحة الفقر تقول "أن للفقر خط وأن اليمن وصل إلى ماتحت خط الفقر بمراحل".
فاليوم عندما وصل د. معين بالطائرة الإماراتية إلى عدن لم يسلم من التجريح، بل أحد المغردين عاتبه بأنه جاء بطائرة المحتل واستقبله مسؤول من طرف المحتل، وترك تركيزه في الموضوع الأهم وهو وصوله إلى عدن حسب إتفاقية الرياض، تمهيدا لعودة الحكومة مرة أخرى إلى العاصمة المؤقتة.
إذا اردنا أن نتكلم عن الحق فبلادنا أحتلت منذ أن قُتل الرئيس ابراهيم الحمدي واعتلت سدة الحكم شلة حرامية من المافيا التي أوصلت البلاد إلى الهاوية، فالعتب ليس من جاءك من الخارج لمآربه، ولكن العتب لمن فتح بابه وترك المجال للعابثين.
إذا أردنا أن نحقق تقدما، يجب أن نفهم سيرة كل شخص في الشرعية الآن وصحيفته قبل وأثناء حكم المخلوع وما كان موقفه في الماضي والحاضر، وبعد ذلك نعمل على تنقية الشرعية من الجراثيم المندسة تحت عباءتها، ولنكون على يقين أن من ندافع عنه يستحق دفاعنا له.
أختم كلامي هذا وأنا متأكد سيأتي أحد ما عديم الفهم ويتهمني بأنني مأجور وأنني أحاول أبعد التهم عن التحالف. رضى من رضى وسخط من سخط فالله أعلم ما بي السرائر. فأنا من هاجم بضراوة قبل الإتفاقية وشككت في جدواها، ولكن العدل يحتم أن نعطي للإتفاقية مساحة من الوقت لنرى جدوى تطبيقها من عدمه، وبعد ذلك لكل حدثٍ حديث.