لا أبالغ إن جزمت ما يحدث في اليمن هو من ضمن مخطط صهيوني عالمي للسيطرة على موارد وممارات الاقتصاد في الشرق الاوسط، فقتل الرئيس ابراهيم الحمدي كان مخططاً واضحاً لذلك، لتقويض تطور اليمن و عدم النهوض بها وإبقاءها ضمن دائرة السيطرة. فمؤخراً نشرت جريدة نيوزويك الامريكية مختصره أن خبيرا اقتصادياً يعمل في الاسواق المالية ببورصة نيويورك، صرح أن اليمن مقبلة على طفرة إقتصادية يمكّنها من قيادة منطقة الشرق الاوسط إقتصاديا وسياسيا. وحسب تقديراته أن العوائد المالية من المواني في محيط البحر الاحمر وبحر العرب ستتعدى الـ 300 مليار دولار سنوياً، بسبب مواقعها الإستراتيجية التي تخدم حركة التجارة العالمية وكرابط محوري بين الشرق والغرب. ولاننسى مخزون النفط والغاز الطبيعي الهائل في منطقة الجوف والذي يعادل مخزون دول الخليج مجتمعة، عدى وجود مناجم الذهب في مناطق لحج ومأرب وحضرموت بكميات وافرة.
كل هذا يجعل اليمن محط انظار الطامعين من الدول المارقة التي تحاول جاهدة تعطيل نهضة اليمن بشتى الوسائل لنهب ثرواتها. قال المصطفى ? : { يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ...} . هذا الحديث يمثل لسان حالنا اليوم من تهافت الطامعين بما لدينا، و ما نراه في ارض الواقع في اليمن يؤكد صدقيته، وان لا مفر منه إلا إذا تعقلنا ووضعنا مصلحة الشعب أولاً ثم الوطن، ولم نلتفت للإملاءات الخارجية.
اليمنيون في المهجر و الوطن مغلوب على امرهم، لم يبقى لهم سوى الإلتجاء الى الله، والبحث عن حلول جديدة بأنفسهم، إذا إستمر الحال على ماهو عليه من تدمير و قتل الابرياء. القضية اليمنية طال مداها ولم نرى حتى الان اي حلول على أرض الواقع. فإستمرار هذه الأزمة فرصة لتجار الحروب والمرتزقة، الذين يعمدون دائما على إطالة الحروب لكسب المزيد من الاموال. و هذا واضح جلياً في الاساليب الملتوية التي تسكلها كلٌ من الولايات المتحدة وبريطانيا لتعطيل سير الانجازات بتدخلهم المستمر عندما ترجح كفة الشرعية، ومعركة الحديدة خير مثال على ذلك، التي أوشكت ان تكون لصالح الشرعية لولا تدخل بريطانيا ودعوتها الزائفة للتهدئة و اللجوء الى طاولة النقاش. ولا نغفل تحركات الامارات المريبة، سواء على صعيد محافظة حضرموت أو جزيرة سقطرة، حيث شرعت بمنح المواطنيين اليمنيين هويتها، مدعية سخفاً أن سقطرة تابعة لهم تاريخيا ورجعت إلى أحضانهم. جزيرة سقطرة ضاربة في عمق التاريخ قبل ان تصبح الامارات دولة التي لم يتجاوز عمرها حتى الان أكثر من 45 عاماً. وفي المقابل دعمها الواضح للانفصاليين في جنوب اليمن والتي اصلا تعتبر اراضي مسالمة خالية من المشاكل مقارنة بالمناطق الشمالية. هذا أيضا احد اسباب زيادة الطين بلة في القضية، والتي بدأت تُفقد التحالف بوصلته، مما يؤدي ايضا إلى خسارة الشرعية مكانتها شعبيا.
ونحن نأمل من التحالف والشرعية أن يضعوا نصب أعينهم وحدة الاراضي اليمنية وحفظ أمن الشعب وسلامته، و الاهتمام به، و إلا لن تتكلل مساعهيم بالنجاح. فالشعب سيكون له تأثير على ارض الواقع و إمكانية ترجيح احد طرفي النزاع في حالة استمالته. البقاء للاقوى، والقوة في وقتنا الحالي كما يبدو لنا ليست للشرعية، فحكومة عبدربه هادي لا نرى لها تأثير واضح على قرارات سير التحالف، بل أن هناك محاولات اقصاء دورها لغاية في نفس يعقوب. وفي المقابل نلمس تزايد الكراهية شعبوياً لبعض الدول المشاركة في التحالف البارزين بسبب هذه الممارسات. كما أن الفساد الذي ينخر جهاز حكومة الشرعية اصبح جليا لعوام الشعب، مما يتوجب على الرئيس ونائبه الإلتفات إليه ومعالجته مباشرة في اسرع وقت.
فلا غرابة من البعض إذا إنحاز إلى الجانب الحوثي، في حالة إمتدت الحرب أكثر من اللازم، وخصوصا في ظل عجز الشرعية الواضح لدعم المغتربين خارج البلاد وبالاخص في أزمتهم بالسعودية بعد أن صنت الاخيرة قوانيين تمنعهم من مزاولة معظم الاعمال مع فرض ضرائب باهظة تُثقل كاهلهم. يذكرنا هذا الموقف في بدايات الحرب حينما قامت السعودية بترحيل أعداد كبيرة من اليمنيين مما دفع بعضهم للانخراط في صفوف الحوثيين للانتقام، وهذا ما لا نتمناه. نحن مع الشرعية والتحالف طالما هناك اصرارٌ منهم على حفظ مقتنيات الدولة، وعدم ترك الحبل على القارب و إعطاء المجال للاخرين العبث في مجريات الامور. على الرئيس عبدربه هادي ان تكون له كلمته في التحالف وهو المفترض من يقود المعركة، لا ان يقعد في الخلف ويُقرر له. و ما يحزننا حقيقةً منع الامارات له لزيارة عدن أبان عيد الاضحى المبارك الفائت، والمؤسف أكثر، إعتقال أفراد الجيش الوطني من قبل مليشية النخبة الشبوانية المدعومة إماراتياً عندما أرادت الشرعية توسيع بسط نفوذها. هذه أدلة واضحة على ان هناك لا رغبة من الاطراف اللاعبة أممياً في إنهاء الصراع الدائر، وخصوصا إعلان بريطانيا نيتها لبناء قاعدة عسكرية باليمن لتعيد مجدها التليد، و هذا دليل واضح يزيد من شكوكنا.
الشعب اليمني إن سئِم من ضعف تواجد الشرعية في الميدان وطال زمن الحرب، فإنه سيبحث عن قيادة أخرى تمثله عبر صناديق التصويت أمام الامم المتحدة كما حدث لسنغافورا عندما انفصلت عن ماليزيا، وهذا حق من حقوق الشعوب أممياً. حينها سيقول الشعب كلمته وقد يبطل كل جهود التحالف لتحرير اليمن، ويلجأ الى أسلوب أخر يضمن ايقاف الحرب وصون ارواح الابرباء الذين تُستنزف أرواحهم حتى وقت كتابة هذه المقالة. وهذا قد لايكون مناسبا لحكومة هادي و لدول التحالف. والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.