قصفت المقاتلات الاسرائيلية البارحة مواقع للقوات الإيرانية وقوات من حزب الله الموالية لها في منطقة الشيخ نجار شمال شرق مدينة حلب السورية بأكثر من خمس غارات مكثفة أدت إلى مقتل وجرح العشرات من القوات الإيرانية وحزب الله بحسب مصادر ووسائل إعلام مستقلة منها " المرصد السوري لحقوق الإنسان" وصحيفة " القدس العربي " اللندنية وغيرها فيما أكد الإعلام السوري والإيراني أن القصف الإسرائيلي ألحق أضرارا مادية فقط وانه تم التصدي له .
وبحسب التقارير الميدانية فإن القصف الإسرائيلي العنيف على مواقع القوات الإيرانية في حلب كأن الأكثر تركيزا واثرا حيث دوت انفجارات عنيفة واشتعلت النيران في أماكن القصف لوقت طويل كما انقطعت الكهرباء عن حلب بسببه القصف الذي استهدف بحسب مصادر ميدانية مواقع للقوات الإيرانية منها مركزا للقيادة والسيطرة الذي يديره القيادي في القوات الإيرانية جواد الأسدي كما ان الرد على هذا القصف بمضادات الطيران جاء متأخرا وغير ذات جدوى.
خلال الأعوام الماضية وبينما كانت المقاتلات الإسرائيلية تقصف ولمئات المرات مواقع للقوات السورية والإيرانية والقوات الموالية لها في مواقع متفرقة بسوريا كانت طائرات النظام السوري تقصف بالبراميل المتفجرة المدن السورية وتقتل وتجرح المئات من المدنيين ومن المعارضة وهو ما يعد تناقضا وازدواجية بحق محور المقاومة الذي يقوم خطابه على مقاومة إسرائيل ومواجهتها بينما هو على أرض الواقع يكتفي بالرد على غاراتها التي تستهدف قواته بالوعيد والتهديد فقط وهو ما يثير تساؤلات عديدة وعلامات استفهام كبيرة عن غياب الرد السوري الإيراني على هذه الغارات الإسرائيلية التي تكررت لمئات المرات خلال الأعوام الماضية دون رد حقيقي وموجع .!!
* منظومة دفاعية خارج الخدمة
لقد كان البعض من المراقبين يعتقدون ان وصول منظومة اس 300 الروسية واس 400 سوف تحدث تحولا في الإستراتيجية العسكرية السورية خصوصا وأنها قادرة على الرد بقوة واستهداف اي طائرة معادية ولكن هذا المنظومة الدفاعية لم تستخدم بعد وما تزال إدارتها بأيدي القوات الروسية حتى الآن ومن الواضح انها ليس لديها توجيهات من موسكو باستهداف المقاتلات الإسرائيلية مما يعني ان وجود هذه المنظومة العسكرية كعدمها حتى الآن خاصة في ظل خلاف روسي إيراني متزايد في سوريا بل ان البعض من المحللين العسكريين يرون بأن هناك مباركة روسية مبطنة لهذه الغارات لتزيد من الضغوط العربية والدولية الرامية لإخراج القوات الإيرانية من سوريا حيث ان هذه الضربات تستهدف القوات السورية وحلفائها من الإيرانيين ومسلحي حزب الله وغيرهم ولم يسبق لها ان استهدفت القوات الروسية الا فيما ندر ..
* رسائل إسرائيلية متعددة
بحسب الكثير من المحللين والمختصين فإن هذه الغارات الإسرائيلية تأتي بعد المباركة والتأييد الأمريكي لضم هضبة الجولان إلى إسرائيل رسميا وإنهاء صفة الإحتلال عنها وهو ما قوبل بإدانة عربية خجولة اضافة إلى أن هذه الغارات تأتي كرسائل إسرائيلية داخلية حيث يريد نتنياهو القول لخصومه أنه قادر على حماية الإسرائيليين وضرب المقاومة في غزة بعد اطلاقها للصواريخ على أهداف إسرائيلية ليس هذا فحسب ولكنه قادر على داعمي المقاومة في غزة بضرب الأهداف الإيرانية والسورية في عمق الداخل السوري كما ان هذه الغارات تمثل رسائل إسرائيلية لإيران والنظام السوري بأن القيادة الإسرائيلية قادرة على ضم هضبة الجولان والذهاب لما هو أبعد من هذا بقصف الأهداف السورية والإيرانية داخل سوريا في ظل تأييد أمريكي وتواطؤ عربي ومباركة عربية مبطنة لهذه الضربات الإسرائيلية إذ ان إخراج القوات الإيرانية من سوريا شرط عربي لعودة تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد .
* إحراج إسرائيلي ل" محور المقاومة "
المنظرون لنظام السوري وحلفائه من الايرانيين وحزب الله وغيرهم يرون ان المعركة في سوريا ما تزال داخلية وانه لم يتم القضاء على " الإرهاب " في الداخل السوري ولم يحن الوقت بعد للرد على هذه الغارات الإسرائيلية ، كما ان القوات الإيرانية في سوريا ما تزال مشغولة بإعادة تموضعها وانتشارها وترتيب أسباب وعوامل بقاءها بسوريا لكن تواصل هذه الغارات وتزايدها يسبب حرجا بالغا للنظام السوري وحلفائه من " محور المقاومة " الذين يرون أنه قد طفح الكيل وفاض الكأس ولابد من رد نوعي يعيد الإعتبار لدول وحركات " محور المقاومة " وخطابها الذي فقد الكثير من مصداقيته بالصمت على هذه الغارات الإسرائيلية التي تضرب في العمق السوري دون رد حقيقي في الوقت نفسه يدرس النظام السوري والإيراني خياراته جيدا فيجدها قليلة في هده الفترة ويجد ان المقاومة في غزة بقصفها أهداف إسرائيلية في العمق الإسرائيلي ربما ترفع عنه بعض الحرج وتشغل إسرائيل عن قصفها لأهداف داخل سوريا ولكن السؤال الذي ما يزال بلا إجابة : إلى متى سيستمر الصمت السوري والإيراني على هذه الغارات الإسرائيلية ؟!!
* باحث متخصص في الشأن الإيراني