اشتبكت الإمارات في الأسابيع القليلة الماضية مع تركيا، جيبوتي، الصومال، والحكومة اليمنية. وصل الأمر برئيس وزراء تركيا حد "تعيير" الإمارات بأجدادها، وبجيبوتي والصومال إلى طرد الشركات الإماراتية. وها هي اليوم تشتبك مع السلطة الفلسطينية بعد مشاركة وفد رياضي إماراتي في فعالية رياضية في مدينة القدس في الذكرى السبعين لتأسيس "إسرائيل". وصفت اللجنة الأولمبية الفلسطينية ما فعلته الإمارات ب"الخيانة والطعنة". وهي في الوقت نفسه تخوض صراعاً مستداماً مع عمان وقطر، ومؤخراً تدهورت علاقاتها مع السودان والجزائر على نحو بالغ. كما إنها تدور كلياً خارج المشهدين العراقي والسوري، وخارج "العالم الشيعي"، وقبل أقل من عام أثارت غضباً عراقياً عندما لوحِظ أنها "ربما" كانت تغذي النوايا الانفصالية الكردية.
وخلال العامين الماضيين تحدثت تقارير كثيرة عن اتهامات شعبية ونخبوية في كل من المغرب وتونس طالت الإمارات واتهمتها بمحاولة زعزعة الاستقرار الداخلي للدولتين. الرئيس التونسي السابق تحذر علانية في أكثر من مناسبة عن عمل حثيث قامت به الإمارات لعزعزة استقرار بلده.
وفي ليبيا ساهمت الإمارات في تقسيم البلد وإغراقه في حرب أهلية بعد أن كان قد نجح في إجراء أول انتخابات برلمانية في تاريخه. كما تعيش الإمارات في وضع متحفز حين يتعلق الأمر بإيران التي لا تزال تحتل جزراً إماراتية، وتدعم الدولتان جهتين متقاتلتين داخل البحرين: النظام الملكي السني في مواجهة الأكثرية الشعبية الشيعية.
ولا تزال علاقتها بالسعودية على المحك، وقد لا يمضي وقت طويل حتى تنهار تلك العلاقة على نحو مأساوي، على وجه الخصوص حين ملاحظة "الطموح الاقتصادي" لبن سلمان، بما في ذلك إقامة مدن عملاقة وموانئ شاملة ستؤثر مستقبلاً على الوضع الاستثنائي الذي تعيشه الإمارات.
نحن بإزاء دولة صغيرة تمارس السياسة بطريقة انتحارية، غير آبهةٍ بالغضب والسخط الذي تتركه خلفها.
النخب العربية، المثقفون والمبدعون، يضطرون إلى الضغط على أعصابهم وتجاهل ما تفعله تلك الدولة، تحديداً رعايتها لمشاريع تفكيكية وأنظمة ديكتاتورية ونزعات انقلابية في عديد من الدول. احتكرت الإمارات، في الأعوام الماضية وحتى الآن، أشهر الجوائز الثقافية والإبداعية، ووفرت للمثقفين العرب فرصة للكسب والحياة والشهرة والمنافسة. في الوقت نفسه كانت تستعرض مخالبها الضارية حين تجري الأمور على خلاف ما يريد نظامها. فقبل أعوام قامت الإمارات بسحب جائزة سلطان العويس من الشاعر العربي الأشهر "سعدي يوسف"، حصل عليها سنة 1990، عقب مقالة كتبها يوسف ولم يبد فيها التبجيل الكامل تجاه الشيخ زائد بن سلطان.
تعيش سبرطة الجديدة، بحسب وصف وزير الدفاع الأميركي، بلا أصدقاء، وليس لديها من الظل ما يكفي ليغطي كل تلك الأرض الواسعة..
إلى آخر ما يمكن أن يقال في هذا الشأن.
* من حائط الكاتب على فيسبوك