تزامناً مع الذكرى الثالثة لبدء عمليات «التحالف العربي» ضد ميليشيا «أنصار الله» في اليمن، أطلق الحوثيون سبعة صواريخ بالستية استهدفت مدن نجران وجيزان وخميس مشيط في جنوب المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى قصر اليمامة الملكي في العاصمة الرياض. وقبل أيام كانت فرقاطة سعودية راسية قبالة ميناء الحديدة قد تعرضت لقصف حوثي، كما استُهدف مطار الملك خالد بصواريخ هذه الميليشيات مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
واعتادت السلطات السعودية الإعلان عن اعتراض هذه الصواريخ بأنظمة «باتريوت» وإفشال وصولها إلى أهدافها، الأمر الذي لا ينفي الأضرار البشرية والمادية التي يسببها سقوط مخلفات الصاروخ على الأرض. كذلك اعتادت الرد بعمليات قصف ثأرية مكثفة ضد مواقع الحوثيين، تنتهي غالباً إلى إنزال أفدح الخسائر في أرواح وممتلكات المدنيين العزل أولاً. ومن جانبها تقوم الميليشيات الحوثية بالرد على الرد، بل تهدد باستخدام المزيد من الصواريخ والأسلحة الجديدة، فيكون المواطن اليمني البريء هو الضحية في كل الأحوال.
وإذ تنقضي ثلاثة أعوام على بدء العمليات العسكرية، لا يلوح أن التحالف السعودي ـ الإماراتي يقترب من ساعة نصر تتيح مخرجاً يحفظ ماء الوجه، بل يبدو العكس هو المسار الملموس للوقائع. صحيح أن الحوثي لا يحرز أيضاً أي انتصار واضح، ولكنه من جانب آخر لا يُمنى بهزائم نكراء يمكن أن تبشر باقتراب ساعة اندحاره. وقد يكون هذا هو بعض السبب في أن الإمارات أخذت تتبع سياسة مستقلة وطويلة الأمد في جنوب اليمن، عمادها المطامع في ثروات الأرض واحتلال الموانئ الاستراتيجية. أما الرياض فإنها تواصل دفع أثمان التخبط بين التآمر على ثورة الشعب اليمني واسترضاء المخلوع صالح وأفواجه العسكرية، وبين السكوت عن تغلغل الحوثي بذريعة تحجيم الإخوان المسلمين وضرب حزب «الإصلاح».
ومن جانب آخر فإن الاتهامات السعودية لإيران بتسليح الحوثي ومدّه بالصواريخ البالستية تبدو تحصيل حاصل في منطق مصالح الدول والسياسات الواقعية، إذ ما الذي كانت الرياض تنتظره من طهران سوى مساندة الحوثي عسكرياً، ولأسباب تتجاوز التضامن المذهبي وتبدأ أولاً من محاولة اختراق خاصرة الخليج العربي، ووضع موطئ قدم في قلب الصراع اليمني ـ اليمني، أسوة بما فعلته وتفعله في العراق وسوريا ولبنان؟
والغريب أكثر أن تعلن الرياض أن إقدام طهران على تزويد الحوثي بالصواريخ البالستية «يمثل عدواناً عسكرياً إيرانياً على المملكة»، وأن السعودية «تحتفظ بحق الرد على إيران في الوقت والشكل المناسبين»، وكأن عمليات القصف في اليمن لا تستهدف الحوثي بوصفه ذراع إيران في اليمن، أو أن صواريخ الحوثي البالستية لا تواصل حرب الإنابة بين الجمهورية الإسلامية والمملكة!
الثابت في كل هذا هو مأساة الشعب اليمني حيث تسبب النزاع في سقوط قرابة 10 آلاف قتيل، ويواجه ملايين المواطنين كوارث المجاعة والأوبئة، ويحتاج 75? من السكان إلى الإغاثة الإنسانية وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، ويعيش البلد جائحة كوليرا هي الأسوأ في التاريخ الحديث. وفي غضون ذلك، يتبارى عبد الملك الحوثي ومحمد بن سلمان في أيهما المغوار أكثر: البالستي أم الباتريوت!