تمر علينا هذه الأيام الذكرى السابعة لثورة الشباب الشعبية السلمية ( 11 فبراير 2011 ) وسط انقسام حاد بين أنصار الثورة وخصومها الذين زادت نقمتهم عليها بعد مقتل الرئيس السابق صالح على يد حلفاءه الحوثيين ، بعد أن فض تحالفه معهم ودعى لانتفاضة ضدهم في ال (2 ) من ديسمبر 2017 لم يكتب لها النجاح ، ومع ايماني بحق الجميع في ابداء رأيهم بالثورة سلبا أو ايجابا ، ورفض محاولات تخوين الناس والتحريض عليهم بسبب مواقفهم تلك ، فسأحاول ان أدلو بدلوي في هذا الحدث الذي يظل من أهم ما صنعه اليمنيون في تاريخهم المعاصر .. فما هي اسباب ثورة فبراير ؟ وهل هي ثورة أم أزمة ؟ وما تأثير المبادرة الخليجية على الثورة ؟ وما علاقة الحوثيون بالثورة ؟ وكيف استفادوا منها لإسقاط الثورة والدولة ؟
أولا : الأسباب الرئيسية للثورة اليمنية 2011م
الثورة اليمنية ـ كغيرها من الثورات- لم تأت فجأة ودون سابق إنذار، ذلك "أن أي ثورة تسبقها فترة" تخمر" يصل فيها الاستياء من أداء السلطة إلى منتهاه، ويكون المجتمع مستعداً للانفجار في وجه أهل الحكم، أو يتحول إلى كوم قش قدحه الهجير، وينتظر مجرد إشعال عود ثقاب، ودون تعمق "التخمر" أو وصوله إلى الذروة، لا يمكن للثورة أن تنطلق، ومن هنا فإن استعمال الثورة في بلد لم تنضج فيه الظروف بعد لقيامها هو من قبيل الخبل، لكن يمكن تسريع التخمر عبر أفكار وإجراءات تعبويه تزيد من الاحتقان إزاء السلطة والغبن منها، والشعور الجارف بأنها العقبة أمام الحرية والكفاية والعدالة".
ومن يتأمل واقع اليمن في السنوات الأخيرة قبل 2011، سيجد أنها كانت تسير نحو الانفجار، أما بالثورة أو الانهيار، ذلك إن انسداد آفاق الإصلاح السياسي والوطني الشامل، وتعمق الأزمة وتسارع الانهيار في شتى المجالات كان يؤكد ذلك، فقد مرت اليمن بدورة سياسية استمرت ما يقارب عقدين من الزمن وتحديداً منذ قيام الوحدة عام 1990م، حيث حاولت النخب السياسية القيام بعملية إصلاح سياسي وطني شامل، من خلال المشاركة السياسية تم المطالبة بالإصلاح السياسي ومحاولة إصلاح النظام الانتخابي والذي وصل حد الأزمة السياسية منذ ما بعد انتخابات 2006م والتي ظلت تتفاقم حتى وصلت ذروتها مطلع عام 2009م.
حاول الحزب الحاكم المضي منفرداً في قضية تسجيل الناخبين أواخر 2008م ليتم إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر آنذاك في أبريل 2009م، وردت احزاب المشترك على إجراءات المؤتمر بإخراج مسيرات ومظاهرات ضد عملية القيد والتسجيل ودعت إلى مؤتمر حوار وطني الأمر الذي أدى إلى تراجع المؤتمر والتوصل إلى اتفاق نوفمبر 2009م بين أحزاب المشترك والمؤتمر والذي قضى بتأجيل الانتخابات النيابية لمدة سنتين لإتاحة الفرصة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإجراء حوار وطني لتطوير النظام السياسي وإصلاح النظام الانتخابي بما في ذلك الأخذ بالقائمة النسبية، وكان ذلك الاتفاق بمثابة اعتراف بأن الأزمة السياسية قد بلغت ذروتها.بيد أن عدم الوصول إلى حلول واستخدام الحوار كتكتيك سياسي فقط فاقم الأزمة, وأدى إلى مزيد من الاحتقان السياسي والتدهور الأمني، والفشل الاقتصادي, واتساع رقعة الفقر والبطالة، وإشاعة مزيد من اليأس والإحباط في نفوس المواطنين من حدوث عملية إصلاح شامل في اليمن ووصلت الجماهير- فضلاً عن النخب السياسية والفكرية - إلى قناعة تامة باستحالة التغيير أو إيقاف التدهور عن طريق الحوار أو مطالبة النظام الحاكم بالإصلاح وبات المراقبون ينظرون إلى الوضع في اليمن أنه في طريقه إلى الانفجار: أما عن طريق سقوط الدولة وانهيارها أو حرب أهلية، أو ثورة شعبية تطيح بالنظام القائم وتتيح الفرصة أمام التغيير الشامل، ومع أن المشترك كان يهدد النظام بهبة شعبية لإيقاف التدهور، إلا أنه ومعه الكثيرين كانوا يتخوفون من تفجير ثورة شعبية، حتى جاءت ثورة الربيع العربي من تونس ثم مصر والتي لم يدعها الشباب تمر حتى أعلنوا ثورة الشباب الشعبية السلمية في اليمن.لتلتحق بعدهم أحزاب اللقاء المشترك . لتتوسع من ثم ساحات الاعتصام في 18 محافظة وتشمل كافة مكونات المجتمع .
*نقلا عن صفحة الكاتب بالفيسبوك