ما فعله الاصلاح مع توكل كرمان يؤكد الطريقة التي يدير بها التحالف العربي العلاقة مع القوى السياسية في الرياض، عبر الضغط والاكراه وإرغامها على اتخاذ قرارات تذهب لمصلحته وتعبر عنه ولا تعبر عن مصلحة اليمن واليمنيين.
هذا يؤكد أن تلك القوى باتت مختطفة ورهينة الحبس والاحتجاز في الرياض، وأنها اليوم لم تعد تملك قرارها، بل تتصرف وفق املاءات جاهزة وتوجيهات أمنية من دول تعتقد أن بإمكانها اليوم إسكات الصوت الذي يقول لا للعبث والفوضى في وجهها.
اليوم لم يعد بالإمكان إخفاء حقيقة أن السعودية والإمارات تسببتا في دمار وتمزيق اليمن، وكل يوم جديد يثبت هذه الحقيقة التي يزداد نصوعها وتترسخ في أذهان الناس، ولا يحجبها غربال، ولا يمكن لأحد أن يغالط العالم ويؤكد أن ذلك لم يحدث.
ولذلك بات التحالف العربي اليوم عبئا على اليمنيين، ويمر بمرحلة تخبط جعلته يفقد توازنه، ولم يعد يدرك ماذا يريد من اليمن، وفي سبيل ذلك يسعى لإسكات كل الأصوات التي تصرخ في وجهه بأن يتوقف عن هذه المهزلة والتخبط.
ويأتي قرار تجميد عضوية توكل كرمان في حزب الإصلاح في هذا السياق، فالتحالف الذي ترعبه منشورات وحروف في وسائل التواصل الاجتماعي ليس جديرا بالثقة، بل يثبت أنه يعيش حالة من الوجل والقلق، يرعبه الوعي، وتهزمه الحقائق، وتهزه الأصوات الحرة، فهو اصلا لم يتعود على من يقول له لا، ولم يسمع الا كلمات السمع والطاعة، ومفردات الخنوع والاستسلام.
ولم ينتصر هو في دفعه حزب الاصلاح لهذا القرار، بل انتصرت توكل كرمان من جديد، وأثبتت انها صوتا قويا ومؤثرا، وأن انحيازها للموقف الوطني المسؤول إضافة جديدة لها في مسيرتها، وشهادة أخرى تؤكد قوة شخصيتها ومدى القلق الذي تحدثه في نفوس خصومها بمواقفها الصريحة والمعلنة، ومن لم يكن له موقف اليوم مما تفعله السعودية والامارات في اليمن فمتى سيكون له موقف؟.
بالنسبة لحزب الاصلاح فقد فتح على نفسه بابا سيظل مفتوحا ولن يتوقف، وقد نشهد مزيدا من الأسماء الذين يتخلى عنهم الحزب بسبب مواقفهم وانتقاداتهم لكل من السعودية والامارات ودورهما في اليمن، ومع ذلك لن ترضى عنه السعودية ولا الامارات، وكل تنازل سيقود الى تنازل آخر أكثر استسلاما وتسليما، والانظمة التي لم تتعود على الأحزاب السياسية لن تقنع الا بالإتيان على الأحزاب برمتها.