على مدى عقود تجمع حول صالح كل المنحطين واللصوص. وراكموا الكثير من المصالح غير المشروعة والتي بقى مسألة الحفاظ عليها مرهونا بالاحتماء والقرب من صالح حتى وقد أصبح خارج كرسي الرئاسة. لهذا لا يمكن التعويل على هؤلاء ولا حتى على مشائخ القبائل الذين أصبحت لهم ايضا مصالح تجارية الى جانب انهم بمقتل صالح كان قد تم سلبهم أحد أهم مصادر نفوذهم، اكثر ما يمكن لهؤلاء جميعا تقديمه هو مهادنة الحوثي والرضوخ لشروطه المهينة. مع ذلك ليست هذه هي النهاية, إلا عند من اعتادوا ان ينظروا لمراكز النفوذ بينما الناس لا يعنون لهم شيئا. اليوم البيئة القبلية أصبحت أكثر من يتحدث عن الجمهورية ليس فقط كقيمة مهددة ولكن كتعبير عن حاجة موضوعية, كما كان عليه الوضع في الستينات عند ابناء المناطق غير القبلية. مع محاصرة الحوثي لمراكز النفوذ القبلية والحد من مصالحها بل حتى مشاركتها في المصالح التجارية التي اصبحت تتضاءل بفعل الحرب, فإن هوة واسعة سوف تتشكل بين ابناء القبائل ورموزهم. ما يعني ان مساحات السؤال سوف تتسع هي الأخرى كمقدمة لاجتراح فعل مستقل. فالحوثي ما كان له ان يسقط عمران بتلك الصورة لو ان الشيخ عبدالله كان لا يزال موجودا. لكن ارتباط ابنائه بمصالح تجارية جعلهم يفقدون روابطهم مع ابناء القبائل الذين اصبحوا يبادلونهم عداء مضمر خصوصا عندما بدأوا في تشييد القصور والفلل في وسط مجتمع مفقر. فصل الناس عن التبعية للرموز القبلية اصبحت ممكنة والاحداث الاخيرة وما سيترتب عليها سوف يعزز ذلك. ستبقى محاولات الحوثي لربط الناس به مباشرة, لكن فرص نجاحه ستظل محدودة, فهو لا يسمح بوجود ذلك الهامش الذي كانت تتيحة الرموز القبلية لأتباعها عوضا عن ان طبيعته المغلقة وظروف الحرب القائمة لا تتيح له التعامل مع رجال القبائل بكرم. فالأداة الوحيدة المتوفرة بيد الحوثي هي القهر فقط. بينما الحديث عن الجمهورية لأول مرة سيبدأ في اكتساب أهميته في اوساط ابناء القبائل بعد ان ظل محصورا بأشخاص معدودين في الغالب ظلوا محاربين من جميع السلطات المتعاقبة ومن الرموز القبلية نفسها.