قال محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ان الحرب في اليمن ستستمر حتى تمنع تحول جماعة الحوثيين الى نسخة من حزب الله في لبنان. ومن حديثه يعلن عن حرب طويلة الامد، على الاقل لن تنتهي قريباً.
ويبدو ان الحرب في اليمن متعددة المهام، فهي حرب لا تنكر خطر وجود حركة مدعومة من ايران يمكنها ان تصبح نسخة مشابهة لحزب الله اللبناني. وما ستشكله من مخاطر في المستقبل، لكنها حرب ايضاً تتوازى مع مجموعة اجراءات ترسخ سلطة محمد بن سلمان ولي العهد السعودي كملك قادم. وفي نفس الوقت ذريعة لاخماد اصوات معارضة داخل الاسرة الحاكمة بين الامراء الاحفاد من ابناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود.
وصعود محمد بن سلمان لولاية العهد فرضتها سلطة امر كلية يمثلها الملك، وما كان لهذا الحدوث لولا انه الابن المفضل لآخر الملوك من ابناء عبدالعزيز آل سعود. إن صعود محمد بن سلمان على حساب امراء ابرز منه في الحياة السياسية السعودية والاجتماعية يشكل منعطفاً في شكل الصراع القادم داخل الأسرة الملكية.
والسؤال هل ستتكفل المخاطر القائمة التي يمكن ان تواجهها السعودية بتروي الأمراء وقبول محمد بن سلمان كأمر واقع يصطفون وراءه، او ان نهم المصالح وعدم الرضا ستلعب دوراً في تفكك اسرة ملكية يمكن ان تكون الأكبر عدداً في العالم.
لعل حرب اليمن تشكل المدخل المباشر للثمن الذي سيتكفله صعود بن سلمان كملك مرتقب. مازال ابوه الملك يؤمن حظوظه عبر اجراءات جريئة، وربما سترحل مشاكل عميقة في منظومة حكم غير دستورية، ما يجعل الفراغ القائم في رأس السلطة متروكاً لنزوع الصراعات المستقبلية، حتى إن استطاع بن سلمان تجاوزها، فانها ستترحل الى ما بعده كعنوان لتدهور عاصف يحيق بالدولة السعودية، الثالثة، فبعد سقوط الاولى بعد هزيمة من الجيش التركي، والثانية بعد ان اسقطها ابراهيم باشا. الا ان الحروب ستكون عنوان المرحلة القادمة.
ويبدو ان الصراع السعودي- الايراني لن يتوقف في حروب بالوكالة، حيث من المحتمل ظهور حرب مباشرة مع ايران. واجراءات توقيف 11 امير من الاسرة المالكة، ومجموعة كبيرة من رؤوس الأموال بتهم فساد مالي، تحمل عدة مغازي، فهو يوحي بأنه في صف الشعب ضد فساد الأسرة المالكة التي اتيح لها خلال عقود امتيازات غير محدودة. لكن هل سيتخلى الملك نفسه وولي عهده عن صيغة الامتيازات غير المحدودة، ثم فالجميع يعرف ان التصرف المطلق للملك هو من منح ولي العهد التاج، كونه الابن المفضل للملك الحالي.
والتصرف المطلق للحاكم يترك شبهة لأي حكم، وتلك الشبهة التي ستلازم محمد بن سلمان حتى يفرض نفسه كحاكم مطلق، لن تكتفي فقط بتأديب امراء مارقين او يشتبه بأنهم مارقين مستقبليين، على الاقل هي حركة احترازية تستبق مشاعر امتعاض طغت على صف طويل من الامراء البارزين والمؤثرين. ثم طالت ايضاً رجال اعمال ارتبطوا بمراكز نفوذ بين الأمراء، باعتبارهم شركاء او اسماء في الواجهة.
ربما تمر تلك الاجراءات وتؤول مراكز النفوذ بمجملها الى سلطة الملك الشاب مستقبلاً، لكن هذا الشعور دائما بوجود امتعاض حوله داخل الاسرة، وهو لن يستطيع اسكات الجميع، ربما سيلعب دور المفزع، لكن الاحتقان سيبقى عارضاً مروعاً يتربص بالفرص للنيل منه، لهذا قد تشهد السعودية مرحلة نزقة بقيادة ملك شاب بعد عقود من الشيخوخة الملازمة لهيئة الملك، وولاية العهد.
والسؤال فيما إن كان محمد بن سلمان سيطارد اغراء تثبيت شرعيته المطلقة في الحروب، بمعنى هل سيدفع السعودية في حرب مباشر مع ايران؟
على الاقل ذلك ما اعلنه بعد اصابة صاروخ باليستي انطلق من اليمن مطار الملك خالد في الرياض، وهو ما اعتبرها صواريخ ايرانية دعمت بها طهران الحوثيين، بأنه اعتداء ايراني مباشر. ووراء الكلمات تلميحات واضحة. قد يبدو اشتعال الحرب في الوقت الحالي غير ممكن، وربما لن يسمح به العالم، لأنه سيشعل اسعار النفط.
لكن قد تختمر رؤى دولية بان تكون مملكة سعودية بقيادة محمد بن سلمان، تلعب دور عراق صدام حسين، في شن حرباً على ايران. وبالتالي ستكون حرباً متعددة المهام تبحث فيها المصالح الدولية عن مغويات كثيرة.
وبالنسبة لمن يعتقد ان السعودية تبحث عن حسم معركتها في اليمن، على الاقل في فترة قريبة يظل مخطأ. ففي شكل التحالف القائم في اليمن سنرى صبيانية ونزق وحكايات لسقوط سياسيين يمنيين محمومين بمصالحهم كأمراء حرب تغريهم الامتيازات ونعيم الفنادق الفاخرة، والعطايا الجزيلة من البلاط السعودي.
ولا يبدو ان ناراً تسخن فيها المنطقة ستخمد عما قريب، بل مرشحة لانفجار اكبر واكثر قسوة.
*من صفحة الكاتب بالفيسبوك