في الوقت الذي تحول فيه العالم الى مرايا تعكس كل الصور وبشفافية واضحة، نرى الأمم المتحدة وهي تُزوِّر الحقائق وتريد منا أن نصدقها، وما يحدث في الأزمة اليمنية هو أكبر دليل، فقد جاء أداء المنظمات التابعة للأمم المتحدة مخيباً للآمال، وهو الأمر الذي تتحفظ عليه الكثير من الدول.
فتلك المنظمات كانت تتحفظ على الجولات التفقدية للمناطق الخاضعة للشرعية في الوقت الذي تسارع فيه لزيارة المناطق الخاضعة للانقلابيين مثل صعدة، فقد تمت زيارة تعز قبل سنة ولعدة ساعات قليلة وبزخم إعلامي لا يتناسب مع الحدث، بل ولم يتم التصريح بجهود التحالف مثل التعاون مع UNVIM.
من الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها الأمم المتحدة، وتراها بأم عينها هي وجود سوق سوداء للنفط ومشتقاته، ما أدى لتفاقم الأزمة اليمنية، والسكوت عن التجاوزات التي تجري في ميناء الحديدة، ومساومات تجار الانقلابيين الحوثيين على البضائع قبل وصولها الى الميناء، وهو ما يؤدي الى ارتفاع الأسعار، في ظل غياب أممي لغياب الأمم المتحدة.
المؤسف له حقاً هو عدم الشفافية في ما يتعلق باحتجاز الشاحنات وخطة التوزيع بين المناطق بشكل عادل، فقد اعتاد الانقلابيون الحوثيون على احتجاز الشاحنات وعدم تسهيل عملية المرور والحركة، ورغم كل تلك التجاوزات لا يتم ابلاغ التحالف عن حالات الاحتجاز التي تتعرض لها قوافل المفوضية، وهذا مخالف لقرارات مجلس الأمن، والسبب في ذلك هو انه لا يوجد مراقبون محايدون من الامم المتحدة لتلك الشاحنات، وكذلك عدم مرافقة مسؤولين من تلك المنظمات التابعة للأمم المتحدة مع القوافل الإغاثية، والاعتماد على شركات النقل التي تستغل شعارات الأمم المتحدة لنقل الأسلحة والمتفجرات لبعض المناطق.
وفي السياق ذاته، نجد أن الأمم المتحدة تدخل أشخاصاً إلى اليمن لا توجد لهم صفة دبلوماسية أو إغاثية عبر طائراتها، وهو انتهاك صارخ للامتياز الذي منحه التحالف بعدم التفتيش وتسهيل المرور الطائرات الإغاثية، كما ان قرار مجلس الأمن 2216 ينص على تسهيل مرور الموظفين الأمميين فقط، ولكن أولئك ليس لهم أي صفة.
ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل إن هناك بيانات من تلك المنظمات قد صدرت ضد التحالف دون الرجوع للتحالف والحكومة الشرعية او مكتب اوتشا الرياض للتحقق من المعلومات في البيانات، في الوقت الذي أغفلت عن إبراز المعاناة الانسانية التي تعاني منها المناطق الخاضعة للشرعية، واللهاث خلف المناطق الخاضعة للانقلاب والتركيز عليها، الأمر الذي يبرر استمرار العدوان الحوثي وممارسات أنصار المخلوع صالح، ومحاولة تصويرهم بأنهم أصحاب الحق.
لقد فشلت الأمم المتحدة حين تركت المجال للمنظمات الانسانية للانخراط في العمل السياسي، والتواصل مع جهات دولية وبرلمانيين للضغط على الشرعية وهذا مخالف للعمل الانساني، بل أفسحت الأمم المتحدة المجال لهم للتجول معهم في مناطق الانقلابيين، ومحاولة إيهامهم بأن معاناتهم إنما بسبب التحالف دون فضح الانتهاكات التي يمارسها الحوثيون وسببت كل تلك المعاناة، بالاضافة الى عدم وجود ممثل أممي في عدن أو محاولة الضغط لافتتاح مكتب في عدن.
وهناك إشكاليات أخرى أحدثها منسق الشؤون الإنسانية المقيم الدائم للأمم المتحدة في اليمن جيمي ماكغولدريك، فمن مسؤولياته ضمان تماسك جهود الأمم المتحدة وتماشيها مع احتياجات وتطلعات الناس الذين يعيشون في اليمن، وتقييم الوضع الانساني، ولكنه (ماكغولدريك) لم يتواصل مع الحكومة الشرعية في عدن ولا ينسق معها.
بل إن (ماكغولدريك) يتلقى كل معلوماته لتواجده في صنعاء والحكومة الانقلابية وعدم تعاونه مع مؤسسات المجتمع المدني في مناطق الحكومة الشرعية ما يؤثر على عملية التقييم، وهو الامر الطبيعي الذي سيصدر من طرف واحد وغير حيادي، لذا كيف له أن يُقيم الوضع الانساني وهو يتابع في صنعاء وعاجز عن التحرك مع فريق عمله الأممي.
*نقلا عن "الايام" البحرينية