ما بقي من التحالف
الجمعة, 25 أغسطس, 2017 - 09:47 مساءً

عادى التحالف العربي الرئيس هادي، ومعه الحكومة. ثم عادى المقاومة، والجيش الوطني، ووضع إكس كبيرة على محافظتين كبيرتين "تعز والبيضاء" ووضعهما تحت رحمة حشود صالح والحوثي إلى الجبهات! ثم عادى الأحزاب ودفع ميليشيات في المناطق المحررة إلى تصفية الوجود الحزبي كلياً وملأ الفراغ بالآلة السلفية الجامية، وهي البوابة الخلفية لتنظيم القاعدة كما يعرف المهتمون بدراسة الظاهرة الإسلاموية.
 
في الجنوب حاصر التحالف الحكومة، ثم طرد الرئيس من الجنوب، ومنع حتى هبوط طائرته الرئاسية، وأنشأ أجهزة عسكرية لا علاقة لها بالحكومة وزودها بسجون وفرق اغتيالات إلخ.
 
قام التحالف العربي، فوق ذلك، بمهاجمة كتائب للجيش والمقاومة في أكثر من محافظة طبقاً لمقاييسه الخاصة، ومسطرته.
 
في منتصف الحرب أعلن عداءه، بكل العنف المادي والإعلامي، لثورة ١١ فبراير وقواها المدنية، وحاول تفريغ المشهد، وفي الجنوب على وجه الخصوص، من كل من له علاقة بتلك الثورة. بالموازة أجرى لقاءات ودية مكثفة مع جماعة الحوثي وصالح في كل من السعودية وعمان والإمارات دون علم الحكومة الشرعية، وأكثر من مرة كان يطرح خصمه صالح بديلاً لحلفائه. وفي سلوك لا يقوم به سوى المجانين من الذين ينهون حياتهم بعواقب مليئة بالعظة قرر التحالف العربي القضاء على حلفائه وإبدالهم بأعدائه ليضع حدا للحرب.
 
قام بإنشاء جماعات راديكالية جامية مثل "العباسية" في تعز، التي قال تقرير أممي إنها مدت الجسور لتنظيم القاعدة في المدينة، استجابة لحساسية من كل ما له علاقة بثورة ١١ فبراير، أو بالتنظيمات السياسية الإسلامية واليسارية. وفي تعز تحديداً أراد أن يخضع الجيش لإمام جامع يحارب كل شيء، بما في ذلك التصوير والموسيقا والسراويل المصنوعة من القماش.
 
قام التحالف بتفريغ الجزر اليمنية من سكانها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية لا يعلم عنها الرئيس الشرعي شيئاً، وسيطر على الموانئ والمطارات في المناطق المحررة، وأغلقها.
 
وبينما تتدخل إيران بشكل يومي لإصلاح ما يفسد بين صالح والحوثي فإن التحالف العربي يعمل على تفكيك جبهة الشرعية، وتمزيق حلفائه ودفعهم لمحاربة بعضهم بلا هوادة، وتعطيل الحكومة كلياً حد منع طائرات البنك المركزي من الهبوط في المطارات، ومهاجمة حرس الرئاسة بالأباتشي واعتقال الآلاف من أفراد وقيادات المقاومة وأخفاؤهم، وتصنيف جهات من المقاومة كجماعات إرهابية.
 
يمارس التحالف إذلالاً متواصلاً بحق رئيس الجمهورية، ومؤخراً مع مجلس النواب في السعودية.
 
.. وفجأة وجدنا التحالف ينسحب، بشكل غير معلن، من الحرب، تاركاً الأمور مفككة، بعد أن أنجز هدفه الرئيسي: تدمير القوة الصلبة التي ظن أنها تشكل تهديداً له.
 
بقي من التحالف العربي، حالياً، ثلاث تمظهرات:
 
الإمارات في طريقها لتحويل باقي الجزر إلى معسكرات.
 
القوات السودانية نائمة بالقرب من ميدي منذ عامين
 
والطيران السعودي فوق الأحياء المكتظة بالسكان.
 
... مع الأيام يصبح التحالف العربي مشكلة مركبة، وورطة تاريخية.
 
يعي اليمنيون، وفي المقدمة منهم الذين يحترمون فكرتي الدولة والسيادة، الورطة، وهو ما جعلهم يندفعون بقوة لمواجهة التحالف ومكاشفته، ويراجعون حساباتهم.
 
وهذا ما يحدث دائماً عندما يضطر المرء للرقص مع الشيخ!

*نقلا عن حائط الكاتب

التعليقات