حسب مصادر فلسطينية «مطلعة» فإن وفدا لممثلين عن حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» موجودا في القاهرة للاجتماع بوفد من جماعة القيادي الفلسطيني محمد دحلان التقى وفداً إماراتيا تعهد بتخصيص مبلغ 15 مليون دولار شهريا من أبو ظبي لقطاع غزة «لتنفق في مشاريع حيوية في القطاع».
الاهتمام الإماراتي المفاجئ بالقطاع تناظر أيضاً مع إشارات من السلطات المصرية لتخفيف حصارها لقطاع غزة، فقد قررت هذه السلطات، حسب المصادر نفسها، فتح معبر رفح بين غزة ومصر المغلق بشكل شبه كامل منذ تموز/يوليو 2013 بعد عيد الأضحى ومد غزة بخط كهرباء جديد قدرته 50 ميغا واط.
يؤشّر وعد الإمارات بفتح محفظتها وإشارات «حلحلة» السلطات المصرية لحصارها إلى أن ما يعرف بـ«تفاهمات حماس ـ دحلان» قد بدأت تؤتي أكلها، وأن المباحثات حول إجراءات مصالحة وتعويض العائلات التي فقدت أبناءها خلال القتال المسلح الذي اندلع بين حركة «حماس» والقوّات التي كان يرأسها محمد دحلان عام 2007، قد تكون الواجهة «الخيريّة» لتفاهمات سياسية أكثر أهميّة موضوعها عودة دحلان للعمل السياسي عبر البوابة الغزّاوية.
ليس واضحاً، ضمن هذه الخلفيّة، ما هي القواعد التي ترتكز إليها «حماس»، في الوقت الذي تعلن فيه مبادرة للمصالحة الوطنية (يفترض أن تكون حركة «فتح»، التي تخوض حرباً مع دحلان، هي المعنيّ الأول بها) وتقوم بتجديد تعاونها مع إيران (بعد زيارة وفد رفيع لطهران دامت ستة أيام).
ليس واضحاً أيضاً كيف تبدّلت حجج المحور الإماراتي ـ المصريّ نحو غزة و«حماس»، في الوقت الذي يخوض هذا المحور، حرباً افتراضية على «الإرهاب» (أي جماعة «الإخوان»)، ويقود في الوقت نفسه معركة شعواء مع قطر (أيضاً تحت عنوان «مكافحة الإرهاب» + اتهامها بالتعاطف مع إيران!).
ما هو واضح بالتأكيد أن غزة تعيش أزمة إنسانية صعبة، وأن حركة «حماس» تعاني من أزمة ماليّة واضحة، بدأت قبل سنوات مع وقف طهران دعمها المالي والتسليحي إثر انسحاب الحركة من سوريا، كما أنها تعاني من حصار شديد من قبل إسرائيل ومصر، وقد ازدادت أشكال الحصار مع اتهام الرئيس الأمريكي للحركة بالإرهاب، وممارسة الإدارة الأمريكية ضغوطاً هائلة على السلطة الفلسطينية في رام الله لوقف رواتب الأسرى والشهداء في غزة، وقد انعكس ذلك بخصم الحركة نسبة كبيرة من رواتب موظفيها وعناصرها.
مدفوعة بخصومتها الأيديولوجية المعلومة مع «فتح»، وفي محاولة ثنائية، من قبل «حماس» لتخفيف «الغضبة» المصريّة عليها، ومن قبل القاهرة لتمرير أجندة حليفتها الإمارات، فتحت «حماس» الباب للتنسيق مع دحلان، وأعادت أيضاً التنسيق مع إيران، والواضح أن لا الإمارات ولا إيران تمانعان من ركوب «حماس» لهذا «الديّو» السياسي.
أحد الأهداف الأخرى المطلوبة، على ما يظهر، هو إبعاد «حماس» عن قطر، التي أصبحت، هي، لا إيران، ولا إسرائيل، العدوّ الأكبر الذي يجب مجابهته!