الأمن في أبسط مفهوم له عبارة عن شعور يصل الى الإنسان يجعله يسكن إلى الطمأنينة النفسية وعدم القلق، وليس من شك في أن جهاز الشرطة المكلف بإنفاذ القانون هو من يقوم بإيصال هذا الشعور إلى الإنسان ..
والسؤال المنطقي المهم في هذا السياق: هل يشعر الإنسان بالأمن في المناطق التي تم دحر مليشات الحوثي وصالح منها وإلى أي مدى؟ وثمة سؤال آخر لا يقل أهمية، وهو يرتبط أيضا بالسؤال السابق ويمكن صياغته على النحو الآتي: هل يشعر المجرمون ومخالفو الأنظمة والقوانين ولوائح الشرطة بالخوف نتيجة لما يقومون بها من أعمال تخل بأمن المواطن؟ أي هل هناك قوة أمنية رادعة تجعل هؤلاء المجرمين يفكرون مليون مرة بالمصير الذين سيلاقونه، فيما لو أقدموا ونفذوا جرائمهم؟
إن الإجابة عن هذين السؤالين نظريا وعمليا ليست صعبة إذا ما توافرت النية الصادقة والعزم الأكيد لدى الجهات المسؤولة.
غير أن هذه المعادلة غير قابلة للقياس على أي مستوى من مستويات خدمات الشرطة المختلفة. وأيا يكن الأمر فإن إيصال هذا الشعور للمواطنين يعتمد على نوع وحجم الإجراءات المتخذة من قبل الأجهزة الأمنية لضبط الأمن والاستقرار والعمل الجاد لتطبيق القانون ..
ولن نستطيع الوصول إلى هذه المعادلة إلا من خلال تبني إستراتيجية عمل أمنية تعتمد علي أبعاد مختلفة تحقق الأمن بمفهومه الواسع والشامل ..
ويعتمد بناء إستراتيجية العمل الأمنية وفقا للمتغيرات المختلفة على الأرض وبحسب القدرة على تقدير المخاطر المحتملة في وقت مبكر وعلى ضوء ذلك سيتخذ الإجراء المناسب لتفادي هذه المخاطر أو التقليل من نسبتها في أقل الأحوال.
وهذه السياسة الأمنية لا يمكن أن تكون إلا من خلال قراءة كافة المؤشرات والمتغيرات السياسية والاقتصادية ومتطلبات المجتمعات المحلية ومعالجة الملف الأمني المرتبط بالصراع السياسي وأقصد التكوينات السياسية ذات الأهداف المشتركة..
من نافلة القول إن الإعلام يلعب دورا محوريا ومهما في هذا الإطار من خلال حجم التغطية الإعلامية لكافة الممارسات الخارجة عن القانون وفقا للتوجهات السياسية المختلفة ..
وخاصة عندما يملك أحد أطراف الصراع من ذوي الاتجاه المشترك ماكنة إعلامية تؤدي إلى الإخلال بالأمن العام.
وبدهي القول إننا بحاجة ملحة إلى وثيقة وطنية خاصة تلزم الأحزاب والكيانات السياسية بالالتزام بعدم لعب أي دور إعلامي يهدف إلى الإخلال بالأمن العام في الوقت الذي يجب على الحكومة المطالبة بإستراتيجية خاصة بمستوى الإنجاز الأمني. أي إن المسؤولية مشتركة بين الجميع، ولا بد أن تمضي كل الجهود بالتوازي.